الحقد الدفين والحسد
الحسد من أسباب سب العلماء وذلك لأن العلماء ذوفضل وذو الفضلِ يحسُدُهم المقصرون وكل ذي نعمة محسود
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان ؛ فإن كل ذي نعمة محسود( (1)
قال الشاعر
يحسدني قومي على صنعتي ... لأنني في صنعتي فارس
سهرت في ليلي واستنعسوا ... هل يستوي الساهر والناعس
والعلماء أنعم الله عليهم بالعلم فهم ورثة الانبياء لذلك يحسدون من خصومهم الجهلة أو ممن هم أقل منهم علما وفضلا وهذا ما حدث مع شيخ الاسلام بن تيمية قال صاحب كتاب الرد الوافر( أن شيخ الاسلام ابن تيمية في مدد ما يؤخذ عليه في مقاله وينبذ في حفرة اعتقاله لا تبرد له غلة بالجمع بينه وبين خصمائه في المناظرة والبحث حيث العيون ناظرة بل يبدر حاكم فيحكم باعتقاله او يمنعه من الفتوى أو شيء من أنواع هذه البلوى لا بعد إقامة بينة ولا تقدم دعوى ولا ظهور حجة بالدليل ولا وضوح محجة للتأميل وكان يجد لهذا ما لا يزاح به ضرر شكوى ولا يطفي به ضرم عدوى وكل امرئ حاز المكارم محسود
كضرائر الحسناء قلن لوجهها*** حسدا وبغضا إنه لدميم
كل هذا لتبريزه في الفضل حيث قصرت النظراء وتجليه كالمصباح أو نور الصباح حيث إذا أظلمت الآراء وقيامه في الله وفي نصر دينه وإقبال الخلق عليه وعلى أفانينه(2) وقال بن فضل الله العمري عن ابن تيمية فلقد اجتمع عليه عصب الفقهاء والقضاة بمصر والشام وحشدوا عليه بخيلهم ورجلهم فقطع الجميع وألزمهم بالحجج الواضحات أي إلزام فلما أفلسوا أخذوه بالجاه والحكام وقد مضى ومضوا الى الملك العلام ليجزي الله الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى )(3)والحاسد الحاقد يؤذي عدوه بالعين ويؤذيه أيضا بلسانه فتجده يغتاب ويطعن وأحيانا يسب ويلعن فيمن يحسده فلا يخلو مجلس للحاسد إلا واستغله في الطعن والانتقاص من الاخرين وكل إناء بما فيه ينضح
قال ابن الوردي رحمه الله:
سبحان من سخر لي حاسدي ** يحدث لي في غيبتي ذكرا
لا أكره الغيبة من حاسد ** يفيدني الشهرة والأجرا .
والحاسد لا يبحث إلا عن زلات العلماء ليشنع بهم(4)
قال أثير الدين أبو حيان
عداتي لهم فضل علي ومنة ... فلا أذهب الرحمن عني الأعاديا
هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتها ... وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا(5)
والحاسد لا ينظر للعالم إلا بعين السخط ولا يرى له حسنه بل ربما يري حسناته سيئات وذلك لأن الحقد أعمي بصيرته
***********************
1-الألباني صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 943
2- الرد الوافر - (ج 1 / ص 83)
3-الرد الوافر - (ج 1 / ص 84)
4- فوات الوفيات - (ج 3 / ص 159)
5- فوات الوفيات - (ج 4 / ص 74)
قال الشاعر
لو لم يكن لى فى العيون مهابة ... لم تطعن الأعداء فى ويقدحوا
نظروا بعين عداوة لو أنها ...عين الهوى لاستحسنوا ما استقبحوا(1)
والحاسد ينتظر أي فرصة لينقض علي من يحسده فهو كالذئب المتربص بالفريسة إن غفلت او أخطأت فتك بها هذا هو شأن الحاسد فإن أخطأ العالم أو غفل عن أمر تجده لا يلتمس للعالم عذرا ولكنه يغتنم الفرصة التي كان ينتظرها ليطعن في العالم ويشهر به وهذا دأب الذين في قلوبهم مرض فهم كالذئاب ولكن في أجساد بشرية فحذار منهم إنهم أضر علي الانسان من غيرهم
نصحت احدى الأمهات ابنها فقالت
اقبل نصيحة أم قلبها وجع ... خوفا عليك واشفاقا وقل سددا
واستعمل الفكر فى قولى فإنك إن ... فكرت الفيت فى قولى لك الرشدا
ولا تثق برجال فى قلوبهم ... ضغائن تبعث الشنآن والحسدا
مثل النعاج حمولا فى بيوتهم ... حتى اذا أمنوا ألفيتهم اسدا (2)
والحاسد يغتم وقت سرورك ويفرح وقت حزنك قال أحد السلف
(يشفيك من الحاسد أنه يغتم وقت سرورك ومن اظهر عداوتك فقد أنذرك) (3)
نسأل الله تعالى أن يحفظ شيوخنا وعلماءنا من أعين الحاسدين و أن يقيهم شر الحاقدين وأن يكفيهم كيد الكائدين آمين آمين آمين
********************
1- المنتظم - (ج 7 / ص 281)
2- المنتظم - (ج 6 / ص 16)
3- المنتظم - (ج 6 / ص 84)
إرسال تعليق