الظاهر بيبرس
كان الظاهر بيبرس رحمه الله من أشد الناس غيرة على الإسلام و المسلمين ، فكم قاد الجيوش الجرارة إنتقاما لمسلم أسر أو قتل على أيدى الصليبيين ، و قد ضرب أروع الأمثلة فى الإنتقام ممن أذى المسلمين وأذلهم. كيف لا وهو قد ذاق مرارة الأسر وهو صغير
والأمثلة على ذلك كثيرة
من ذلك ما حدث فى عام 664هـ عندما فتح السلطان بيبرس مدينة سيس الصليبية ، و كان سبب فتحه لها أن أهلها النصارى كانوا أضر شئ على الإسلام و المسلمين زمن التتار لما أخذوا حلب ، فكم أسروا من النساء و الأطفال فقهرهم الملك بيبرس رحمه الله و غزا أرضهم و خربها واستولوا عليه قتلاً ونهبا، وأسر ملكها، وقتل أخوه وجماعة من ملوك الأرمن، ، وكان هذا الملعون قد فتك في المسلمين، وظاهر عليهم العدو من التتار، وعلم في حلب لما فتحها التتار أموراً منكرة، واستولى على أكثر نسائها وأطفالها أسراً، وتقدم إلى بلاد الإفرنج والروم براً وبحراً تحت الذل والصغار، فأمكن الله منه ومن بلاده وأخذ بثأر الاسلام و أسر ابن ملكهم فطلب صاحب سيس أن يفادى ولده بالأموال الكثيرة
فقال السلطان بيبرس : لا نفاديه إلا بأسير لنا عند التتار يقال له سنقر الأشقر ، فذهب ملك سيس إلى ملك التتار فتذلل له و تمسكن و خضع له حتى أطلق له الأمير سنقر الأشقر من الأسر ، فلما وصل سنقر الأشقر إلى السلطان أطلق بن صاحب سيس
وبعد هذا الفتح خرج السلطان من دمشق للقاء العسكر المجرد إلى سيس نزل على قارا، فشكى إليه أهل الضياع التي حلوها أن أهلها يعدون عليهم، ويتخطفونهم، ويبيعون من وقع لهم إلى الفرنج بحصن عكار؛ فأمر العسكر بنهبهم، فنهبوا، وقتل كبارهم، وسبى نساؤهم وصغارهم.
قال أبو شامة: وفي رابع ذي الحجة من سنة أربع وستين وستمائة، أوقع السلطان الظاهر بأهل قارا النصارى، فقتل وسبى وغنم، وكانوا كما شاع عنهم يأخذون من قدروا عليه من المسلمين، ويصبحون بهم إلى بلاد الفرنج، وكان بعض الأسارى الذين خلصوا من قلعة صفد أخبروا أن سبب وقوعهم في الأسر أهل قارا، ففعل السلطان بهم ذلك.(1)
لا شك أن ما فعله بيبرس من أجل القربات التي يتقرب بها إلي الله عز وجل
قال الموفق ابن قدامة المقدسي رحمه الله في المغني ( روى سعيدبإسناده عن حبان بن حبلة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن على فادى بالمرأة التي استوهبها من سلمة بن الأكوع رجلين ) .
كتب كتاباً بين المهاجرين و الأنصار ، أن يعقلوا معاقلهم و أن يفكوا عانيهم
بالمعروف ، و فادى النبي رجلين من المسلمين بالرجل الذي أخذه من بني عقيل ، و
المسلمين في فيئهم أن يفادوا أسيرهم و يؤدوا عن غارمهم (2) و من مواقف السلطان بيبرس التي لا تنسى ما حدث فى سنة 666هـ عندما قتل الصليبيون جنديا مسلما ، فخرج بيبرس بجيشه و أغار على حصن الأكراد فحمل إليه أهل الحصن من الفرنجة الاقامات و الهدايا فأبى ان يقبلها و قال انتم قتلتم جنديا مسلما و أنا أريد ديته مئة ألف دينار ذهب و في سنة 667هـ و أثناء رجوع الظاهر بيبرس من أحدى الغزوات تعرضت له إمرأة فى الطريق فذكرت له ان ولدها دخل مدينة صور و أن صاحبها غدر به و قتله و أخذ ماله ، فركب السلطان و شن الغارات على مدينة صور و اخذ منها شيئا كثيرا و قتل خلقا كثيرا ، فأرسل إليه ملك صور الصليبي يسأله عن السبب ؟؟ فقد كانت بينهم هدنة ، فقال له بيبرس لأنكم قتلتم تاجرا مسلم (1)
فبقتل مسلم واحد تنقض العهود التي بيننا و بين الكفار ، كيف لا و دم المسلم أشد حرمة عند الله من الكعبة المشرفة ، فرحم الله الظاهر بيبرس الذى قاد الجيوش بنفسه إنتقاماً لمقتل جندي مسلم و تاجر مسلم .و رحم الله ذلك الزمان الذي إذا صرخ فيه مسلم من المشرق بكي له من بالمغرب ، يوم أن كان المسلمون أمة واحده بمعنى الكلمة .
لو كبرت في جموع الصين مأذنة**** لسمعت فى الشرق تهليل المصلين
أما اليوم فمن للمستضعفين ؟؟ وإذا صرخ المسلم فمن يسمع صرخته؟ وإذا سمعت الصرخة فمن يلبي النداء؟؟ إن لله وإنا إليه راجعون كيف يعيش المسلمون اليوم وإخواتهم في الدين في سجون أعداء الإسلام
وكيف العيش في سعد وهذي *** عذارى المسلمين غدت سبايـا
وأسمع كل أنات الثكالى *** وصيحات العذاب من الصبايا
وأبصر جرح أحبابي ينادي *** ولا أحنو على دمع الضحايـــــا
فلا والله لن ألقى نعيماً *** اذا الاعداء عاثوا في حمايـــا
ومهما مضيت في دربي وحيداً *** ولا أحد يرد على ندايــــــــــا
فسوف اسيريصحبني سلاحي *** وعزمي شامخ يحدو عدايا
**********************************
1- عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان لبدر الدين العيني حوادث سنة664
2- المغني [ 9 / 228 ]
3- البداية والنهاية ج13 حوادث سنة 664 و666 و667
إرسال تعليق