المجاهد الليبيي إبريك اللواطي
ينتسب هذا المجاهد الكبير إلى عائلة اللواطي ، التي تولت عن جدارة ( المشيخة والقيادة في بيت إبراهيم )، أحد بطون قبيلة العواقير .. ودفعت ضريبة كبيرة للإسلام بدماء شيبها وشبابها .
جده شيخ العواقير المعروف : حمد اللواطي .. وأمه إبنة : امهدي الحرنة ، أحد مجاهدي قبيلة المغاربة ، التي خصها الجنرال ( غراتسياني ) بالذكر مع قبيلة العبيد في قولــه : ( قبيلتان سببتا لنا الكثير من المشاكل .. المغاربة في الغرب والعبيد في الشرق ) .
قبيل الإحتلال :
رغم أن هذا المجاهد كان أبيض اللون ، إلا أنه اشتهر بـ ( إبريك العبد ) ، ولهذا اللقب قصة طريفة يرويها لنا الأستاذ / لاغا ، فيقول :
كان المجاهد إبريك ، قبيل الإحتلال الإيطالي ، يشتري التمور من واحة جالوا بالآجل .. أي أن تجار التمور يؤجلون قبض ثمنها إلى الموسم التالي .. وفي إحدى المرات ، التي قدم فيها إلى جالوا لشراء التمور، لم يجد التجار الذين يبيعونه بالآجل ، ورفض التجار الجدد ، تسليمه كمية التمور التي يريدها ، إلا إذا دفع ثمنها مقدما أو أن يبقى هو رهينة لديهم ، إلى أن يعود رفاقه بالثمن في الموسم القادم .. وقبل صاحبنا بهذا الشرط .. وفضل البقاء في الأسر ، على العودة إلى الأهل ، خالي الوفاض ، بلا زاد .
عاد رفاقه إلى الديار بالتمور، وبقي هو في جالو ، ليشمر عن ساعديه ، ويشتغل مع العمال في مزارع النخيل .. إلى أن رجع الرفاق في الموسم التالي ، وسددوا ما عليهم من ديون .. أي بعد ما يقرب من سبعة أشهر كاملة .
ولم تكن تلك التمور التي يجلبها لآل اللواطي فقط ، بل لمن جاورهم ، وللضيوف أيضا .. تمشيا مع ما درج عليه العرب من إكرامهم للجار وللضيف .
ولم ينس الناس حسن صنيعه ذاك ، فقد روي أن جارة له ، كانت تضرب الطبل استعداداً لإحدى المعارك وتقول :
( ابريك ولد بوسيف ... علي شان جاراته ارهن )
راية الجهاد المباركة :
استلــم المجاهــد إبريــك ( راية الجهاد ) مــن السيد أحمد الشريف ، وعاهــده علـى المضي في طريق الجهاد .. ويؤكد لنا الأستاذ / لاغا : بأنه رأى تلك الراية ، عند إحدى عجائز اللواطي ، وحجمها متر مربع تقريبا ، ومكتوب عليها شعار السيد أحمد الشريف : ' الجنة تحت ظلال السيوف '
شهداء آل اللواطي
قتل إخوته الخمسة مع من قتل من الليبيين في جهاد المهجر ضد الفرنسيين في تشاد والسودان وفي مصر ضد الإنجليز . كما استشهد أبناؤه الثلاثة في معارك عدة من برقة .. أحدهم ويدعى حسن ، قتل في معركة ( الحقيفات ) ، وكان ضابطاً برتبة ملازم أول مع القائد العربي نجيب الحوراني
إعدام زوجته وابنته :
وفي محاولة فاشلة من أجل إرغامه على الإستسلام ، اعتقل الإيطاليون زوجته وابنته وأودعوهما معتقل العقيلة .. وأبلغوه بأنه إذا استسلم وسلم سلاحه ، فسيطلق سراحمها في اليوم التالي لإستسلامه .. وإلا فأنهما ستواجهان عقوبة الإعدام .. فكان رده أعنف مما توقعوا ، حيث سخر من مساومته إياه على ترك الجهاد بقوله :
( لا تنسوا – بعد أن تنفذوا حكم الإعدام فيهما أن تبعثوا لي بقطع من كبديهما )
وبالفعل نفذ المجرمون حكم الإعدام فيهما .. ولم يكن ذلك ، لتثنيه عن مواصلة جهاده البطولي ، وفاءً لراية الجهاد ، التي سلمه إياها السيد أحمد الشريف .
مساومة أخرى :
وأثناء توليه قيادة دور الأبيار، حاول الإيطاليون كسب مودته فابتنوا له قصراً بمنطقة الأبيار، مثلما فعلوا مع الشيخ عبد السلام الكزه في منطقة سلوق .. وبعدما انتهوا من بناء القصر وفرشه بالأثاث أبلغوه بذلك ، فقال لهم قولته المشهورة :
( قصري على ظهر ناقتي )
مشيرا بذلك إلي بيته البدوي ، الذي يحمله على ظهر ناقته ، وينصبه أينما ومتى يريد ، فرارا من الظلم والضيم أو طلبا للمكان الخصيب .
مصادرة أملاكه :
بعدما أصدر ( غراتسياني ) قرارا بمصادرة جميع أملاكه .. هاجر الشيخ المجاهد أبريك اللواطي إلى مصر فقيراً معدماً حافي القدمين ، فوافته المنية – يرحمه الله – في السلوم .. ودفن هناك وحيداً في مكان يسمى ( علوة الزرقاء ) (1) ليصدق عليه - بعد عمر حافل بالمعارك والبطولات - قول الشاعر :
مشيناهــا خطـــى كتبت علينـا ومن كتبت عليه خطى مشاهــا
إرسال تعليق