استبسال منقطع النظير
كتب الأستاذ / لاغا ، ملحمته الجهادية ( ماتو وقوفا ) سنة : 1967 ، عــن قصة واقعية لنجــع مـن نجوع قبيلة الفواخــر تعرض لعدوان غاشم ، فوقف رجاله في وجه القــوة الإيطالية المعتدية .. لـم يفاوضوا ولم يستسلموا حتـى قتلـوا جميعــا .
وقصة ذلك النجع ، أن كتيبة إيطالية خرجت من سلوق إلى الدواخل بحثاً عن تجمعات المجاهدين ، ومرت بنجع لقبيلة الفواخر - كان رجاله قد فرغوا للتو من جز أغنامهم - فطلبوا تفتيش النجع ، ليتأكدوا من خلوه من المجاهدين ، فأجابهم شيخ النجع ( على الغريباوي ) بالرفض التام .. فأرادوا التفاوض معه في ذلك .. فقال لهم : إن حرمة نجعهم ونسائهم ليست محل تفاوض .. فأصر الإيطاليــون على تفتيش النجــع .. فقال لهم الشيخ : لن تفتشوا النجع ونحن أحياء .
فانصرف الإيطاليون ، وهم يبيتون نية العودة إلى النجع وتفتيشه ولو بالقوة .. وقد أدرك الشيخ ذلك ، فأستعد لهم .. وأخرج سبع بنادق هي كل ما يملك من سلاح ، ووزعها على بعض رجاله ، وكانت إحداها بندقية ألمانية ، سلمها لأخيه وكان قناصا ماهرا وعندما شاهد الشيخ طائرة تجسس تحلق فوق النجع.
أخبر رجاله بالاستعداد لملاقاة العدو .. وأن يتمترسوا بأكوام الصوف ، ويباشروا بقنص أفراده ، عندما يروا الإشارة منه التي اتفقوا عليها مسبقا .. وذلك إذا ما فشل في ثنيهم عن تفتيش النجع .. وكانت الإشارة التي اتفقوا عليها ، أن يسقط الشيخ على الصوف ، ويباشر بإطلاق الرصاص باتجاه جنود العدو .
لم يفلح الشيخ في ثنيهم ، عن تفتيش النجع ، فسقط على الصوف وشرع بإطلاق الرصاص وهو يقول مرتجلا : ( هلنا أو نهار ... غابن لعذار ) .. واحتدم القتال وحمى وطيس المعركة ، ولم تكن الكفة في صالح رجال النجع السبعة ، فقد كانوا يواجهون ببسالة كتيبة إيطالية مدججة بالسلاح .
حاولت إحدى المدرعات الإيطالية الالتفاف على النجع ، فطلب الشيخ علي من أخيه أن يتكفل بأمرها ، وبالفعل تمكن ذلك القناص الماهر من تفجيرها ، بواسطة بندقيته الألمانية المضادة للدروع .
قاتل أولئك الأبطال حتى استشهدوا جميعا وقوفا في ساحة القتال ، وتمكن الإيطاليون بعد استشهادهم من السيطرة على النجع ، الذي كان خاليا من الشيوخ والنساء والأطفال وبقية رجاله العزل ، الذين قام الشيخ بترحيلهم إلى مكان آمن ، قبيل المعركة بساعات .
قبيل المعركة بأيام :
وقبيل هذه المعركة بأيام .. وبينما كان الشاعر بودومه الفاخري ، مع إبله في وادي الباب بالقرب من سلوق ، استوقفته دورية إيطالية وطلبت منه الذهاب معهم ، إلى السرير وسط الصحراء ، ليرشدهم إلى موقع النجع .فطلب من الإيطاليين إعطاءه مهلة يوم أو يومين ، حتى يتدبر أموره الخاصة ، ويطمئن على إبله .. ولكي يتخلص من هذا المأزق ، كحل عينيه بفلفل أحمر ، فاحمرتا وتورمتا .
وعندما جاءه الإيطاليون ووجدوه على تلك الحالـة ، أخبرهم بأنه قـد أصيب بالرمد ، وهـو لذلك لا يستطيع مساعدتهم .. فشكوا في أمره ، وأيقنوا أنها مجرد حيلة من جانبه ، كي لا يذهب معهم كمخبر ، يدلهم على أبناء عمومته .. فجلدوه مائة جلدة وحبسوه ،
فرحم الله اولئك الابطال الذين فضلوا الموت علي ان تنتهك اعراضهم (1)
عن أبي الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، رضي الله عنهم، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد"(1)
احبتي في الله قد رأينا كيف أن كلاب الكفر ليس لهم أمان وإن بذلوا العهود والمواثيق قال تعالي(او كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم ) (3)
وصدق من قال
وحوش الغرب ليس لهاخلاق
ولا دين يصد ولاشعور
وأوصى بعضهم بعضا فهذا
ظلوما للعباد وذامدير
وما ضرب السياط يثير
لكن إهانة ادميتنا تثير
**********************************
1- ابطال وملاحم للاستاذ : فرج مصطفي لاغا بتصرف بسيط
2- رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح
3- البقرة100
إرسال تعليق