أبى عامر الحاجب المنصور
روى ابن عذاري عن نجدته للمسلمين أنه بلغه وجود أسيرات مسلمات لدى غارسيا سانشيز الثاني ملك نافارا رغم أنه كانت بينهما معاهدة تنص على ألا يستبقي غارسيا لديه أسرى من المسلمين، فأقسم أن يجتاح أرضه لنكثه بالعهد، ولما خرج المنصور بجيشه، وبلغ غارسيا خروجه. أسرعت رسل غارسيا تستفسر عن سبب الغزو، فأعلموهم بخبر الأسيرات المسلمات، فردّهن غارسيا معتذرًا بعدم علمه بهن، وبأنه هدم الكنيسة التي كانت تحتجزهن كاعتذار منه على ذلك، فقبل منه المنصور ذلك وعاد بالأسيرات.[78]
ومع ما كان فيه من الخلال، إلا أنه معاقرًا للخمر غير أنه أقلع عنها قبل وفاته بسنتين.[74] وللمنصور شعر جيد، منه ما قاله مفاخرًا:[79]
رميت بنفسي هول كل عظيمة | وخاطرت والحر الكريم يٌخاطر | |
وما صاحبي إلا جنان مشيع[80] | وأسمر خطّيّ[81] وأبيض باتر | |
وإني لزجّاء الجيوش إلى الوغى | أسودٌ تلاقيها أسود خوادر[82] | |
فسُدت بنفسي أهل كل سيادة | وفاخرت حتى لم أجد من أفاخر | |
وما شدت بنيانًا ولكن زيادة | على ما بنى عبد المليك وعامر | |
رفعنا العوالي بالعوالي مثلها | وأورثناها في القديم معافر المصدر الموسوعه الحره |
قال الإمام الذهبي
" و من مفاخر المنصور "أبي عامر " أنه قدم من غزوة ، فتعرضت له إامرأة عند القصر فقالت يا منصور يفرح الناس و أبكي ، لأني ابني أسير في بلاد الروم ، فثنى المنصور عنانه و أمر الناس بغزو الجهة التي فيها إبنها (1)
سبحان الله جيش يخرج بكامله لتحرير أسير واحد من الروم ، جيش يخرج بكامله ليجفف دموع أم تبكي على إبنها ، أما اليوم فأطفال الإسلام يبكون دماً على آبائهم و أمهاتهم المأسورين في العراق و فلسطين و تركستان و الشيشان و الأفغان و لم يستجيب لهم أحد فمن لهم اليوم ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
من للثكالى إذا ناحت نوائحها من للجراح التي انتشرت بوادينا
من لليتامى إذا سالت دموعهم فوق الخدود و قالو من يواسينا
هحجر الهيتمي : ( ولو أسروا مسلما فالأصح وجوب النهوض إلي
على كل قادرفورا ) (2)
اللهم فك أسر المأسورين الذين لا يبالي بهم أحد في هذا الزمان : لا شك أن ما قام به أبي عامر من الجهاد لتحرير الأسري هو الفرض الواجب علي كل مسلم مستطيع في حال أسر أحد من المسلمين.
قال ابن العربي المالكي رحمه الله في معرض حديثه عن الأسرى المستضعفين من المسلمين : ( إنّ الولاية معهم قائمة ، و النصرة لهم واجبة بالبدن بألاّ يبقى منا عين تطرف حتى نخرج إلى استنقاذهم ؛ إن كان عددناًَ يحتمل ذلك ، أو نبذل جميع أموالنا في استخراجهم ، حتى لا يبقى لأحد درهم ، كذلك قال مالك و جميع العلماء ، فإنا لله و إنا إليه راجعون على ما حلَّ بالخلق في تركهم إخوانهم في أمر العدو ، و بأيديهم خزائن الأموال ، و فضول الأحوال ، و العدة و العدد ، و القوة و الجلد ) (3)
***********************************
1- سير أعلام النبلاء جـ13 ص65
2- تحفة المحتاج : 9/237
3- أحكام القرآن : 440/2 ]
إرسال تعليق