الحكم بن هشام
فى سنة أربع و تسعين ومائة غزا الحكم بن هشام أرض الشرك ، وكان سبب هذه الغزوة ، أن عباس بن ناصح الشاعر كان بمدينة الفرج ، و كان العدو قد عظمت شوكته و قوى أمره فشن الغارات على الثغور الاسلامية ، و سمع عباس بن ناصح إمرأة أسيرة في ناحية مدينة الفرج تبكي و تقول " وا غوثاه يا حكم ، قد ضيعتنا و أسلمتنا و اشتغلت عنا ، حتى استأسد العدو علينا " فلما وفد عباس على الحكم بن هشام ذكر له قول المرأة وأنشد عليه هذه الأبيات:
( تململت في وادي الحجارة مسهرا ** أراعي نجوما ما يردن تغورا )
( إليك أبا العاصي نضيت مطيتي ** تسير بهم ساريا ومهجرا )
( تدارك نساء العالمين ينصرة ** فإنك أحرى أن تغيث وتنصرا ) فلما أنشده القصيدة، ووصف له خوف الثغر واستصراخ المرأة باسمه، فأنف ونادى في الحين بالجهاد والإستعداد، فخرج بعد ثلاث إلى وادي الحجارة ومعه الشاعر، وسأل عن الخيل التي أغارت من أي أرض العدو كانت، فأعلم بذلك، فغزا بتلك الناحية وأثخن فيها، وفتح الحصون، وخرب الديار، وقتل عدداً كثيراً، وجاء إلى وادي الحجارة فأمر بإحضار المرأة وجميع من أسر له أحد في تلك البلاد، فأحضر، فأمر بضرب رقاب الأسرى بحضرتها، وقال للعباس: سلها: هل أغاثها الحكم؟ فقالت المرأة، وكانت نبيلة: والله لقد شفى الصدور، وأنكى العدو، وأغاث الملهوف، فأغاثه الله، وأعز نصره. فأرتاح الحكم لقولها وبدا السرور في وجهه وقال
( ألم تر يا عباس أني أجبتها ** على البعد أقتاد الخميس المظهفر )
( فأدركت أوطارا وبردت غلة ** ونفست مكروبا وأغنيت معسرا )
فقال عباس نعم جزاك الله خيرا عن المسلمين وقبل يده (1) هذا هو موقف الحكم بن هشام عندما سمع استغاثة امرأة مسلمة .........أما اليوم ؟؟؟
فكم من أسير عندهم و أسيرة فكلاهما يبغى الفدا فمــــــا فدى
كم من وليد بينهم قد ود من والداه ود انه لـــــم يولـــــدا
كم من تقي في السلاسل موثق يبكى لأخر في الكبـــــول مقيد
ضجت ملائكة السماء لحالهم وبكى لهم من قلبه كالجلمــــد
أفلا تذوب قلوبكم إخواننا مما دهانا من ردى أو من ردي
اكذا يعيث الروم في إخوانكم و سيوفكـــــــم للثأر لم تتقلــــد
يا حسرتي لحمية الاسلام قد خمدت و كانـــــت قبل ذا تتوقدا
أين العزائم ما لها لا تقتضى هل يقطع الهندي غير مجــــــردا
********************************
إرسال تعليق