الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود
رحمه الله
هو الملك فيصل بن عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود ، بويع بالملك عام 1964م ، وكان رحمه الله ملكا صالحاً مجاهداً صامداً أمام العدو الصليبي و الصهيوني ، و قد فرض الملك إحترامه على الجميع حتى الدول المسماة بالعظمى كانت تحسب له ألف حساب ، فقد قالت عنه الصحافة الغربية " إن القوة التي يتمتع بها الملك فيصل تجعله يستطيع بحركة واحدة من قبضة يده أن يشل الصناعة الأوربية و الأمريكية ، و ليس هذا فقط بل إنه يمكنه خلال دقائق أن يحطم التوازن النقدي الأوربي و يصيب الفرنك و المارك و الجنيه بضربات لا قبل لنا بإحتمالها ، كل هذا يمكن أن يفعله هذا الرجل النحيل الجالس في تواضع على سجاده مفروشة فوق الرمال " .
فيصل و معركة العبور
قال الرئيس السادات عن الملك فيصل : " إن فيصلاً هو بطل معركة العبور و سيحتل الصفحات الأولى من تاريخ جهاد العرب و تحولهم من الجمود إلى الحركة و من الإنتظار إلى الهجوم ، و هو صاحب الفضل الأول بعد الله عز وجل في معركة الزيت ، فهو الذي تقدم الصفوف و أصر على استعمال هذا السلاح الخطير ، و العالم و نحن معه مندهشون لجسارته و فتح خزائن بلاده للدول المحاربة لإسرائيل تأخذ منها ما تشاء لمعركة العبور و الكرامة ، بل لقد أصدر أوامره إلى ثلاثة من أكبر بنوك العالم أن من حق مصر أن تسحب ما تشاء ،و بلا حدود من أمواله للمعركة "
و من المواقف التي تدل على إخلاص الملك فيصل " و لا نزكى على الله أحد " الموقف الذي ذكره الدكتور عبد العزيز حجازي رئيس وزراء مصر سابقا حينما
قال : " إن الملك فيصل رفض أن يطلق اسمه على أحد أحياء السويس تلبية لرغبة شعبية مصرية في ذلك الوقت ، وإنه فضل أن يتكفل ببناء حي سكنى من ماله الخاص بتكلفة خمسة ملايين دولار "
و من مواقفه أيضا انه في مؤتمر الخرطوم عام 1967م بعد النكسة كشف عن المعدن الحقيقي للملك فيصل ، فقد قدم دعم اقتصادي لمصر فوري يقدر بـ50مليون جنيه إسترليني لإعادة تسليح الجيش المصري ، على الرغم من أن خزائن المملكة فى ذلك الوقت لم تكن تملك مثل هذا المبلغ ، كما أن عائدات النفط كانت تعجز عن تلبيته وقتها و أن تجميد خطط و مشاريع التنمية كانت الثمن الذي قدمته المملكة تلبية لنداء السلاح المصري "
و صدق الله حيث يقول { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } الحشر9
الملك فيصل و إسرائيل:
سئل الملك فيصل من صحفي أجنبي عن الشيء الذي يتمنى أن يراه في الشرق الأوسط؟
فأجاب الملك في عزة " أول كل شيء هو زوال دولة إسرائيل "
و من مواقف الملك فيصل التي لا تنسى ، ما ذكره الدكتور الدواليبي في مذكراته صــ201 حيث قال :
"كان الملك فيصل في زيارة لإنجلترا و منها إلي بروكسيل ، و كان ديجول رئيس فرنسا يريد مقابلة الملك فيصل و لكن بصفة غير رسمية ، و إنما يخرج الملك من بروكسيل و يمر في طريقة بديجول ، فرفض الملك فيصل و أصر أن تكون دعوة رسمية و كان ذلك عام 1967م ، فدعاه ديجول و اجتمع به و جرى حوار بين ديجول و الملك فيصل لا يدل هذا الحوار إلا على فطنة الملك فيصل و سرعة بديهته .
و تمسكه الشديد بزوال دولة إسرائيل ، و إليك أخى القارئ جزء من الحوار :
قال ديجول : تحدث الناس إنكم يا جلالة الملك تريدون أن تقذفوا إسرائيل إلي البحر ، و إسرائيل هذه أصبحت أمراً واقعياً و لا يقبل أحد في العالم رفض هذا الأمر .
فأجاب الملك فيصل :يا فخامة الرئيس إني استغرب كلامك ، إن هتلر إحتل باريس و أصبح إحتلاله أمرا واقعيا و كل فرنسا استسلمت إلا أنت ، انسحبت مع الجيش الإنجليزى و بقيت تعمل لمقاومة الأمر الواقع حتى تغلبت عليه ، فلا أنت رضيت الأمر الواقع و لا شعبك رضخ ، فأنا استغرب منك الآن تطلب مني أن أرضى بالأمر الواقع ، و الويل يا فخامة الرئيس للضعيف إذا احتله القوى و راح يطالب بالقاعدة الذهبية للجنرال ديجول أن الإحتلال إذا أصبح واقعا فقد أصبح مشروعا .
دهش ديجول من سرعة و بديهة الملك فغير لهجته و قال ديجول : يا جلالة الملك يقول اليهود إن فلسطين وطنهم الأصلى و جدهم الأعلى إسرائيل ولد هناك ؟؟
أجاب الملك فيصل : فخامة الرئيس أنا معجب بك لأنك متدين مؤمن بدينك ، و أنت بلا شك تقرأ الكتاب المقدس ، أما قرأت أن اليهود جاءوا من مصر غزاة فاتحين و حرقوا المدن و قتلوا الرجال و النساء و الأطفال ، فكيف تقول أن فلسطين بلدهم و هي للكنعانيين العرب ، و اليهود مستعمرون ، أنت تريد أن تعيد الإستعمار الذي حققته إسرائيل منذ أربعة ألاف سنة ، فلماذا لا تعيد استعمار روما لفرنسا الذي كان قبل ثلاثة ألاف سنة فقط ؟!!!
و نحن العرب أمضينا مائتى سنة في جنوب فرنسا في حين لم يكن اليهود في فلسطين سوى سبعين سنة ثم نفوا بعدها ؟!!!!!
قال ديجول : لكنهم يقولون إن جدهم ولد فيها ؟
أجاب فيصل : غريب ! عندك الآن 150سفارة في باريس و أكثر السفراء يولد لهم أطفال في باريس ، فلو صار هؤلاء رؤساء دول و جاءوا يطالبونك بحق الولادة في باريس ؟ مسكينة باريس ! لمن ستكون باريس ؟!!!!!!!
سكت ديجول برهة ثم قال : الآن فهمت القضية الفلسطينية ، أوقفوا السلاح المصدر لإسرائيل و كانت إسرائيل يومها تحارب بسلاح فرنسي ليس أمريكى . ا .هـ
و بعد هذا اللقاء استدعى الملك فيصل رئيس شركة التابلاين الأمريكية و قال له " إن أي نقطة بترول تذهب إلي إسرائيل ستجعلني أقطع البترول عن أمريكا ، و لما علم الملك فيصل بعد ذلك إن أمريكا أرسلت مساعده لإسرائيل قطع عنها البترول و كان نتيجة ذلك أن قامت مظاهرات في أمريكا ووقف الناس مصطفين أمام محطات الوقود يهتفون "نريد البترول و لا نريد إسرائيل "
و من مواقف الملك فيصل أيضا التي تدل على عزته و ثباته هذا الموقف الذي حدث له قبل إغتياله بأيام و ذلك أن وزير خارجية أمريكا هنرى كيسنجر كان في زيارة للملكة و قبل وصول الوزير الأمريكي أمر الملك فيصل بإقامة مخيم فى الصحراء لإستقباله، و أمر بوضع غنم و زرع نخيل بالقرب من المخيم لكي يبين للوزير الأمريكي و للعالم أن السعودية ليست في حاجة إلى الموارد المالية العائدة من البترول ، وأنها قادرة على وقف تصدير البترول أو حرق آبارها إن لزم الأمر و أن السعوديين من الممكن أن يتكيفوا مره أخرى مع حياة البادية يرعون الغنم و يزرعون النخيل .
عندما قطع مد البترول في حرب أكتوبر
وقال قولته الشهيرة
عشنا وعاش أجدادنا على التمر واللبن
وسنعود لهما
ويقول وزير الخارجيه الأمريكي الإسبق
كسينجر في مذكراته
" عندما إلتقى الملك فيصل في جدّه , عام 1973 م ,في محاوله لإثنائه عن وقف ضخ البترول ,رآه متجهما ً , فأراد أن يستفتح الحديث معه بمداعبة فقال " إن طائرتي تقف هامده في المطار بسبب نفاد الوقود , فهل تأمرون جلالتكم بتموينها ,وأنا مستعد للدفع بالأسعار الحره ؟ ! .
يقول كيسنجر : " فلم يبتسم الملك ,بل رفع رأسه نحوي
وقال : وأنا رجل طاعن في السن ,وأمنيتي أن أصلي ركعتين في المسجد الأقصى قبل أن أموت فهل تساعدني على تحقيق هذه الأمنيه؟
نهاية البطل :
لقد ختم الله للملك فيصل خاتمة خير و لا نزكى على الله أحداً، وذلك بسبب مواقفة المشرفة من القضية الفلسطينية ، تلك القضية التي إمتزجت بروحه ودمه و ربما كانت سببا لوفاته فقد قال رحمه الله فى أخر عيد له " سنصلي العيد القادم في القدس بإذن الله "
و قبل اغتياله بيومين ألقى خطاباً قال فيه كلمات لا تخرج إلا من مؤمن صادق و لا نزكى على الله أحداً فقد قال رحمه الله: " أرجو أن تعذروني إنها الحجة على فإني حينما أتذكر حرمنا الشريف و مقدساتنا تنتهك و تستباح و تمثل فيها المخازي و الإنحلال الخلقي و المعاصي ، فإني أدعو الله مخلصا اذا لم يكتب لنا الجهاد لتخليص هذه المقدسات أن لا يبقيني لحظة واحدة على الحياة "
و قد استجاب الله دعائه ، فلم يلبث يومين فى الحياة حتى دخل عليه من قتله ليلحق بجوار ربه فرحمة الله على ذلك الملك الشجاع الذي ظهر في زمن الجبناء
منقوووول بتصريف
إرسال تعليق