أمير يفدى السلطان بنفسه
فى إحدى معارك السلطان خوارزم شاه مع الخطا الكفار ، دارت الدائرة على المسلمين و هزموا أشر هزيمة و الحرب سجال ، و قتل منهم أعداد كثيرة و أسر أيضا عدد ليس بالقليل منهم السلطان خوارزم شاه قائد الجيش و أسر معه كبير أمراءه بن مسعود أسروا على يد فارس من الخطا و أخذهم الفارس غنيمة و هنا فكر بن مسعود في حال المسلمين و ضعفهم و طمع الأعداء فيهم خاصة بعد أسر ملكهم خوارزم شاه .
فقام الأمير بن مسعود بعمل حيلة لينقذ السلطان فقال لخوارزم دع السلطنه عنك اليوم فاليوم يوم الحنكة و الحيلة ، ثم أمر بن مسعود السلطان أن يكون خادماً له أمام الجميع ، و بالفعل قام خوارزم شاه بخدمة بن مسعود فكان يقدم له الطعام و يساعده فى لبس الملابس و يخلع نعله و كأنه خادم و لم يشك أحد فى أن خوارزم شاه خادم لإبن مسعود ، و بعد عدة أيام قال الفارس الكافر الذى أسرهما إننى أرى خدمة هذا الرجل لك فقال نعم أنا سيد و هو من عبيدى و أنا من سادة القوم و أشرافهم و أملك من المال الكثير .
و في اليوم الثاني قال بن مسعود للفارس إن الجيش المنهزم رجع الى البلاد و أن أهلي سيعتقدون موتي إن لم أرجع إلى البلاد و إن حدث ذلك هلكت لأنهم سوف يوزعون مالى عليهم و يرثونى ، فلو أرسلت رساله مع بعض جندك أخبر أهلي فيها أنني أسير و أكتب لك فى الرساله مقدار من المال ، فوافق الفارس على الفور لكنه قال " إن فرساني لا يعرفون بلادك و لا أين يجدو أهلك ، فقال بن مسعود أرسل معهم هذا الخادم و أشار إلى خوارزم شاه و قال إنه خادم أمين يأخذ منهم الرسالة و يرجع إليهم بالأموال على أطراف المدينة فوافق الفارس الكافر على ذلك و أرسل خوارزم شاه و معه عدد من الفرسان لحمايته و عندما وصل خوارزم شاه إلى مدينته دخل المدينة ورجع الفرسان و إستعاد ملكه من جديد و أخمد الفتن التى قامت بسبب غيابه فى الأسر
أما بن مسعود فإنه ظل فى الأسر فتره طويله و فى إحدى الأيام جلس معه الفارس
الكافر و قال له منذ فتره لم نسمع عن خوارزم شاه شيئاً
فقال بن مسعود : كيف لم تسمع عنه شيئا و قد كان في بيتك .
فقال الفارس تقصد من ؟!!!!!
قال بن مسعود : الخادم الذي أرسلته هو خوارزم شاه سلطان المسلمين .
فقال الفارس مندهشا : و لماذا لم تخبرني بذلك حتى أكون فى خدمته .
فقال بن مسعود : خفتك عليه .
فقال الفارس : سوف أنطلق معك لخدمة خوارزم شاه ثم جهز نفسه و أخذ معه بن مسعود و دخل أراض خوارزم شاه ، فلما رأهما خوارزم شاه أكرمهما و بالغ فى إكرامهم تكريما للأمير بن مسعود رحمه الله .(1)
أخيا هكذا كان السلف كانوا في وقت الشدة يفضلون الخير لإخوانهم علي أنفسهم (ويؤثرون علي انفسهم ولو كان بهم خصاصة )
جزا الله الشدائد كل خير وإن كانت تغصصني بريقي
وما مدحي لها شكراً ولكن عرفت بها عدوي من صديقي
**********************
1- كتاب الكامل لابن الاثيرحوادث سنة604ج10ص335 والبداية والنهاية حوادث سنة 604
إرسال تعليق