الفصل الأول
الأسباب الباعثة علي سب العلماء
الأسباب التي تدفع البعض للتعدي على العلماء بالسب والقذف كثيرة نذكر بعضها لنضع أيدينا على مكمن الداء ليسهل الدواء
قال الشاعر:
عرفت الشر لا للشر لكن لتوقيه **ومن لا يعرف الخير من الشر يقع فيه
وقديما قيل : معرفة السبب تبطل العجب
فمن هذه الأسباب
1- عمي البصيرة وقبح السريرة
قال تعالى
(فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ)(الحج: 46)
البصيرة نور في القلب، يبصر به العبد الوعد والوعيد، والجنة والنار، وما أعَدَّ الله في هذه لأوليائه، وفي هذه لأعدائه
والبصيرة هي العين التي يرى بها العبد نور الله وبها يستطيع أن يميز بين الصالح والطالح ،والبصيرة تقود المؤمن لكل خير والبصيرة هى العلم لذلك أمرنا الله تعالي أن ندعوا إليه على بصيرة قال تعالى
(قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)(يوسف108)والعبد الذي فقد بصيرته يصبح أعمى البصيرة وعمى البصيرة أشد من عمى البصر فأعمى البصر فقد حاسة واحدة من حواسه أما أعمى البصيرة فإنه فقد كل حواسه فهو لا يرى الحق حتى وإن سمعه فإنه لا يسمعه سماع قبول , فقد عمت كل حواسه عن إدراك الحق فأصبح أعمى وفي الاخرة سيظل أعمى وأضل سبيلا قال تعالى (وَمَنْ كَانَ فِي هَذِهِ أَعْمَى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَى وَأَضَلُّ سَبِيلاً) سئل الشيخ بن العثيميين ما المراد بالعمى في هذه الآية؟
فأجاب رحمه الله تعالى: المراد بالعمى في الآية عمى البصيرة يعني فمن كان في هذه الدنيا أعمى عن الحق لا يبصره ولا يلتفت إليه ولا يقبل عليه فإنه في الآخرة يكون أشد عمىً وأضل سبيلاً فلا يهتدي إلى طريق أهل الجنة وإنما يكون مصيره النار والعياذ بالله.)(1) والعبد صاحب البصيرة له نور يرى به نورا على وجه العلماء الربانيين والدعاة المصلحين حتي وإن كان يختلف معهم في عدة مسائل فرعية وذلك لأن الله نضر وجوه أهل العلم والفضل والعبادة فالذي لا يري نورالهداية في وجه من نضرالله وجهه فقد أعمى الله بصيرته ومن أعمى الله بصيرته فلا تنتظر منه خيرا قال تعالى ( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُور))سورة النور40)قال سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى: ما من أحد يطلب الحديث، إلا في وجهه نضرة، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم نضر الله أمراً سمع منا حديثاً فبلغه(2) سبحان الله إن كان من يحفظ حديثا واحد ويبلغه ينضر الله وجهه فما بالكم بالعلماء الذين حفظو الآف الأحايث وبلغوها ،والله أن أنوار الايمان لتشع من وجوه العلماء وتنبعث من بين ثنايهم الحكمة و الضياء
للخير قوم لا تزال *** وجوههم تدعو إليه
طوبى لمن جرت الأمور *** الصالحات على يديه
قيل للحسن البصري رحمه الله : ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوها ؟ فقال لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم من نوره .
قال الشاعر:
( سريرة المرء تبديها شمائله ** حتى يرى الناس ما يخفيه إعلانا )
( فاجعل سريرتك التقوى ترى أملا ** في كل ما انت تبغيه وبرهانا )
*************
1-فتاوى نور على الدرب ( العثيمين ) ، الجزء : 5 ، الصفحة : 2 ت
2- التدوين في أخبار قزوين 2 / ص 15
إرسال تعليق