جاء في كتاب نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب أن الأديب أبو الحسن بن زنون قال وقع بيدى وأنا أسير بمدينة قيجاطة أعادها الله تعالى دار إسلام
فوقفت على ذلك يقول ابن زنون فقلت وكل ينفق مما عنده ومن عجائب الله أنه عند فراغي من كتب هذه القطعة وصل الفكاك إلي وحل قيودي وأخرجني إلى بلاد المسلمين وهي
( ما كان أحوجني يوما الى رجل ** يأتي فينبهني فى فحمة الغلس )
( يفك قيدي وغلي غير مرتقب ** ولا مبال من الحجاب والحرس )
( وقوله لي تأنيسا وتسلية ** هذا سلاحي فالبسه وذا فرسي )
( فلو جبنت ولم أقبل مقالته ** وأمتطي الطرف وثبا فعل مفترس )
( إذن خلعت لباس المجد من عنقي ** وصار حظي منه حظ مختلس )
( وأخلفتني أماني التى طمحت ** نفسي اليها وإحساني لكل مسي ) (1)
وأنفك القيد يوما من قدم احد الاسري فقال له اخوه
( قيودك ذابت فانطلقت لقد غدت ** قيودك منهم بالمكارم أرحما )
( عجبت لأن لان الحديد وأن قسوا ** لقد كان منهم بالسريرة أعلما )
( سينجيك من نجى من السجن يوسفا ** ويؤويك من آوى المسيح بن مريما )
********************
1- نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب ج4ص 15
رسل أحد الأسرى رساله يصف فيها مأساته قال فيها:
إلى الله فيما نالنا نرفع الشكوى ففي يده كشف المضرة و البـــلوى
خرجنا من الدنيا و نحن أهلها فلا نحن من الأموات فيها ولا الأحيا
إذا جائنا السجان يوما لحاجة عجبنا و قلنا جاء هذا من الدنــــــــــيا
و قال أحدهم :
إذا جن ليلى هام قلبي بذكركم نوح كما ناح الحمام المطـــــوق
و فوقى سحاب يمطر الهم و الأسى و تحتي بحار بالأسى تتدفــــــق
سلوا أم عمر كيف بات أسيرها تفك الأساري دونه و هو موثق
فلا هو مقتول ففى القتل راحة و لا هو ممنون عليه فيعـــــــتق
وتمني بعض الأسري الموت مخافة الفتنة في الدين فتمثل قول الوزير المهلبي فقال :
ألا موت يباع فأشتريه فهذا العيش لاخير فيـــــــه
ألا موت لذيذ الطعم يأتي يخلصني من العيش الكريه
إذا شاهدت قبرا من بعيد وددت لو أننى من ساكنيه
ألا غفر الله ذنوب عبد تصدق بالوفاة على أخيــــه
وقال أحدهم:
حبست عن أهلى وصحبى وعن *** فوائد العلم التى تجتنى
وصار دمعى سائلا مطلقا *** يا ليتنى دمعى ودمعى أنا
إرسال تعليق