رثاء طليطلة
قال احد الشعراء قصيدة يندب طليطلة أعادها الله تعالى للإسلام
( لثكلك كيف تبتسم الثغور ... سرورا بعدما سبيت ثغور )
( أما وأبي مصاب هد منه ... ثبير الدين فاتصل الثبور )
( لقد قصمت ظهور حين قالوا ... أمير الكافرين له ظهور )
( ترى في لدهر مسرورا بعيش ... مضى عنا لطيته السرور )
( أليس بها أبي النفس شهم ... يدير على الدوائر إذ تدور )
( لقد خضعت رقاب كن غلبا ... وزال عتوها ومضى النفور )
( وهان على عزيز القوم ذل ... وسامح في الحريم فتى غيور )
( طليطلة أباح الكفر منها ... حماها إن ذا نبأ كبير )
( فليس مثالها إيوان كسرى ... ولا منها الخورنق والسدير )
( محصنة محسنة بعيد ... تناولها ومطلبها عسير )
( ألم تك معقلا للدين صعبا ... فذلله كما شاء القدير )
( وأخرج أهلها منها جميعا ... فصاروا حيث شاء بهم مصير )
( وكانت دار ايمان وعلم ... معالمها التى طمست تنير )
( فعادت دار كفر مصطفاة ... قد اضطربت بأهليها الأمور )
( مساجدها كنائس أي قلب ... على هذا يقر ولا يطير )
( فيا أسفاه يا أسفاه حزنا ... يكرر ما تكررت الدهور )
( وينشر كل حسن ليس يطوى ... إلى يوم يكون به النشور )
( أديلت قاصرات الطرف كانت ... مصونات مساكنها القصور )
( وأدركها فتور في انتظار ... لسرب في لواحظه فتور )
( وكان بنا وبالقينات أولى ... لو انضمت على الكل القبور )
( لقد سخنت بحالتهن عين ... وكيف يصح مغلوب قرير )
( لئن غبنا عن الاخوان إنا ... بأحزان وأشجان حضور )
( نذور كان للأيام فيهم ... بمهلكهم فقد وفت النذور )
( فإن قلنا العقوبة أدركتهم ... وجاءهم من الله النكير )
( فإنا مثلهم وأشد منهم ... نجور وكيف يسلم من يجور )
( أنأمن أن يحل بنا انتقام ... وفينا الفسق أجمع والفجور )
( وأكل للحرام ولا اضطرار ... إليه فيسهل الأمر العسير )
( ولكن جرأة في عقر دار ... كذلك يفعل الكلب العقور )
( يزول الستر عن قوم إذا ما ... على العصيان أرخيت الستور )
( يطول علي ليلي رب خطب ... يطول لهوله الليل القصير )
( خذوا ثأر الديانة وانصروها ... فقد حامت على القتلى النسور )
( ولا تهنوا وسلوا كل عضب ... تهاب مضاربا منه النحور )
( وموتوا كلكم فالموت أولى ... بكم من ان تجاروا أو تجوروا )
( أصبرا بعد سبي وامتحان ... يلام عليها القلب الصبور )
( فأم الثكل مذكار ولود ... وأم الصقر مقلات نزور )
( نخور إذا دهينا بالرزايا ... وليس بمعجب بقر يخور )
( ونجبن ليس نزأر لو شجعنا ... ولم نجبن لكان لنا زئير )
( لقد ساءت بنا الأخبار حتى ... أمات المخبرين بها الخبير )
( أتتنا الكتب فيها كل شر ... وبشرنا بأنحسنا البشير )
( وقيل تجمعوا لفراق شمل ... طليطلة تملكها الكفور )
( فقل في خطة فيها صغار ... يشيب لكربها الطفل الصغير )
( لقد صم السميع فلم يعول ... على نبإ كما عمي البصير )
( تجاذبنا الأعادي باصطناع ... فينجذب المخول والفقير )
( فباق في الديانة تحت خزي ... تثبطه الشويهة والبعير )
( وآخر مارق هانت عليه ... مصائب دينه فله السعير )
( كفى حزنا بأن الناس قالوا ... إلى أين التحول والمسير )
( أنترك دورنا ونفر عنها ... وليس لنا وراء البحر دور )
( ولا ثم الضياع تروق حسنا ... نباكرها فيعجبنا البكور )
( وظل وارف وخرير ماء ... فلا قر هناك ولا حرور )
( ويؤكل من فواكهها طري ... ويشرب من جداولها نمير )
( يؤدى مغرم في كل شهر ... ويؤخذ كل صائفة عشور )
( فهم أحمى لحوزتنا وأولى ... بنا وهم الموالي والعشير )
( لقد ذهب اليقين فلا يقين ... وغر القوم بالله الغرور )
( فلا دين ولا دنيا ولكن ... غرور بالمعيشة ما غرور )
( رضوا بالرق يا لله ماذا ... رآه وما أشار به مشير )
( مضى الإسلام فابك دما عليه ... فما ينفي الجوى الدمع الغزير )
( ونح واندب رفاقا في فلاة ... حيارى لا تحط ولا تسير )
( ولا تجنح إلى سلم وحارب ... عسى أن يجبر العظم الكسير )
( أنعمى عن مراشدنا جميعا ... وما إن منهم إلا بصير )
( ونلقى واحدا ويفر جمع ... كما عن قانص فرت حمير )
( ولو أنا ثبتنا كان خيرا ... ولكن ما لنا كرم وخير )
( إذا ما لم يكن صبر جميل ) فليس بنافع عدد كثير )
( ألا رجل له رأي أصيل ... به مما نحاذر نستجير )
( يكر إذا السيوف تناولته ... وأين بنا إذا ولت كرور )
( ويطعن بالقنا الخطار حتى ... يقول الرمح ما هذا الخطير )
( عظيم أن يكون الناس طرا ... بأندلس قتيل أو أسير )
( أذكر بالقراع الليث حرصا ... على أن يقرع البيض الذكور )
( يبادر خرقها قبل اتساع ... لخطب منه تنخسف البدور )
( يوسع للذي يلقاه صدرا ... فقد ضاقت بما تلقى صدور )
( تنغصت الحياة فلا حياة ... وودع جيرة إذ لا مجير )
( فليل فيه هم مستكن ... ويوم فيه شر مستطير )
( ونرجو أن يتيح الله نصرا ... عليهم إنه نعم النصير ) (1)
نفح الطيب (4/483) 1-
إرسال تعليق