ليت الحجاج يعود يوما
أهدى ملك جزيرة الياقوت إلى الحجاج سفينة تحمل مجموعة من النساء المسلمات التى ولدن فى تلك الجزيرة ومات آبائهن و كانوا تجار مسلمين ، فأراد ملك جزر الياقوت بذلك التقرب من المسلمين ، ولكن السفينة المحملة بالنساء المسلمات لم تصل فقد استولى عليها جماعة من اللصوص قرب مدينة الريبل ، فنادت إمرأة منهم يا حجاج ، و بلغ الحجاج ذلك فقال : يا لبيك ثم أرسل الحجاج الى ملك السند يسأله تخلية النسوة المسلمات فرفض ملك السند ذلك و كذب و قال ما أخذهن إلا لصوص لا أقدر عليهم .
فما كان من الحجاج إلا أن أرسل جيشا بقيادة عبيد الله بن نبهان لإنقاذ النساء الأسيرات ، ولكن الجيش المسلم هزم و قتل قائده ، فأرسل الحجاج جيشا ثانيا بقيادة بريل بن طفهة البجلي ذلك البطل الشاب الشجاع الذى أخذته الحمية والغيرة علي أخواته الأسيرات فقتل بيده فى المعركة ثمانون كافراً ، و لكنه قتل أيضا و هزم جيشه و أسر الكفار عدد كبير من جند الإسلام في هذه المعركة ، فسجنهم ملك السند مع النساء المسلمات فى سجن مدينة الدبيل ، و إنا لله و إنا إليه راجعون .
و لما بلغ الحجاج خبر مقتل بريل و هزيمة المسلمين ما كان منه إلا أن أعد جيشاً قوياً و أرسل إلى أمير المؤمنين عبد الملك يستأذنه فى إرسال جيش كبير لفتح السند و تخليص الأسرى ، فوافق الخليفة و جهز الحجاج جيشا كبيرا بقيادة محمد بن القاسم الثقفي و انطلق بن القاسم بجيش قوامه سبعة عشر ألفا الى بلاد السند، و فتحوا مدنها و قراها ، حتى وصلوا الى مدين الدبيل فحاصروا المدينة و نصب المنجنيق و أثناء الحصار خرج رجل من كفار المدينة ، و طلب الأمان من محمد بن القاسم و ذكر الرجل لمحمد بن القاسم اعتقاداً سائد عندهم و هو أن بلادهم ستفتح على أيدى المسلمين إذا سقط العلم المثبت فوق المعبد و كان معبدهم عظيم الإرتفاع عليه قبة عظيمة و فوقها العلم ، و على الفور أمر بن القاسم قائد المنجنيق بضرب العلم ، فقال قائد المنجنيق يجب أن نقطع من المنجنيق مترين ، فقال بن القاسم إذا لم تنجح فقد ضاعت أهمية المنجنيق فقال قائد المنجنيق ، إذا لم أسقط العلم وأكسر قبة المعبد فلتقطع يدي .
و أمام ثقة قائد المنجنيق من نفسه وافق بن القاسم على قطع المنجنيق ، فقطع منه مترين ، ثم صوب الرامي الماهر المنجنيق على العلم فأسقطة ودمر قبة المعبد ، فارتفعت معنويات المسلمين و تعالت تكبيراتهم و إنهارت معنويات الكفار و فروا أمام المسلمين ، فتتح المسلمون الدبيل و قتلوا من الكفار ألوف و أسروا منهم ألوفاً ، ووصل محمد بن القاسم إلى سجن الدبيل و قبض على حراسة وأخرج الأسيرات المسلمات وكذلك أخرج أسرى المسلمين الذين أسروا في المعارك السابقة ، ثم أمر بن القاسم بقتل بعض حراس السجن و عفا عن مشرف السجن و ذلك لأن الأسرى شهدو أنه كان يعاملهم معاملة كريمة فعفا عنه بن القاسم " هل جزاء الإحسان إلا الإحسان "(1) و استعمله بعد ذلك فأسلم مشرف السجن و أصبح داعية إلى الإسلام في تلك البلاد و جاهد في سبيل الله " و الله يؤيد بنصره من يشاء "(2)
هذا هو موقف الحجاج الظالم الشهم من قضية الأسري ، هذا هو موقف من لقب بخبيث الأمة في زمن السلف الصالح ، هذا هو موقف سفاك الدماء الطاغية الحجاج ، هذا هو الحجاج الذي لو ظهر مثله في هذا الزمان لظنه الناس من أولياء الله الصالحين ، فليت الحجاج يعود يوماً ليقود الجيوش الإسلامية لتحرير آلاف من المسلمين بل ملايين الأسرىو الأسيرات في فلسطين والعراق والشيشان والهند و الصين وغيرها من بلاد العالم .
هذا هو موقف الحجاج الثقفي فأين موقف القادة والرؤساء اليوم بل أين موقف جموع المسلمين فهل ماتت فينا المروءة ، أما في القوم رجل مثل الحجاج ،إنا لله و إنا إليه راجعون .
مررت على المروءة وهى تبكى فقلت علاما تنتحب الفتاة
فقالت كيف لا أبكى وأهلــــــــى جميعا دون خلق الله ماتوا
يقول ياقوت الحموي في معجم البلدان في مادة ( واسط) (
وذكر الحجاج عند عبد الوهاب الثقفي بسوءٍ فغضب وقال إنما تذكرون المساويء أوَما
تعلمون أنه أول من ضرب درهما عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله وأول من بنى
مدينة بعد الصحابة في الإسلام وأول من اتخذ المحامل وأن إمرأة من المسلمين
سبيت بالهند فنادت يا حجاجاه فاتصل به ذلك فجعل يقول لبيك لبيك وأنفق سبعة آلاف ألف درهم حتى افتتح الهند وإستنقذ المرأة وأحسن اليها) فرحم الله الحجاج المفتري عليه في كثير من الأحيان.
**********************************
1- الرحمن 60
2-
3- كتاب التاريخ الاسلامى فيما بعد الخلفاء الراشدين ص97 و98
إرسال تعليق