1- شيخ الإسلام بن تيميه وفكاك العاني
خرج شيخ الإسلام ابن تيمية إلى بولاي ـ أحد قادة التتار ـ فاجتمع به وطلب منه فكاك من كان معه من أسارى المسلمين فاستنقذ كثيراً منهم ثم عاد رحمه الله تعالى .
و كتب رحمه الله إلى ملك قبرص رسالة جاء فيها : (فيا أيها الملك كيف تستحل سفك الدماء وسبى الحريم وأخذ الأموال بغير حجة من الله ورسله ثم أما يعلم الملك أن بديارنا من النصارى أهل الذمة والأمان مالا يحصى عددهم إلا الله ومعاملتنا فيهم معروفة فكيف يعاملون أسرى المسلمين بهذه المعاملات التي لا يرضى بها ذو مروءة ولا ذو دين ؟!!
ثم إن كثيراً منهم إنما أخذوا غدراً ، والغدر حرام في جميع الملل والشرائع والسياسات، فكيف تستحلون أن تستولوا على من أخذ غدرا ؟ أفتأمنون مع هذا أن يقابلكم المسلمون ببعض هذا ، وتكونون مغدورين؟ والله ناصرهم ومعينهم ؛ لاسيما في هذه الأوقات والأمة قد أمتدت للجهاد واستعدت للجلاد .ورغب الصالحون وأولياء الرحمن في طاعته وقد تولى الثغور الساحلية أمراء ذوو بأس شديد ، وقد ظهر بعض أثرهم وهم في ازدياد. ثم عند المسلمين من الرجال الفداوية ، الذين يغتالون الملوك في فرشها وعلى أفراسها: من قد بلغ الملك خبرهم قديما وحديثا ،وفيهم الصالحون الذين لا يرد الله دعواتهم ولا يخيب طلباتهم الذين يغضب الرب لغضبهم ويرضى لرضاهم.
فكيف يحسن أيها الملك بقوم يجاورون المسلمين من أكثر الجهات أن يعاملوهم هذه المعاملة التي لا يرضاها عاقل لا مسلم ولا معاهد؟! )(1) وتتجلى عظمة شيخ الإسلام وروعته أنه سعى لفك الأسري من أهل الذمة من اليهود والنصارى الذين هم في حوزة الدولة الإسلامية . فقد جاء في الرسالة القبرصية للعلامة ابن تيمية وذلك في معرض بيانه لمسلك المسلمين في معاملة أسرى أهل الذمة معاملة الأسرى المسلمين من حيث السعي لفكاكهم . قال رحمه الله : " وقد عرفت النصارى كلهم أني لما خاطبت التتار في إطلاق الأسرى وأطلقهم " غازان " فسمح بإطلاق المسلمين ، قال لي : لكن معنا نصارى أخذناهم من القدس فهؤلاء لا يطلقون فقلت له : بل جميع من معك من اليهود والنصارى الذين هم أهل ذمتنا فإنا نفتكهم ولا ندع أسيراً لا من أهل الملة ولا من أهل الذمة وأطلقنا من النصارى ما شاء الله "(2)
**************************************
1- الفتاوي لابن تيمية ج8 ص622 الموسوعة الشاملة
2- مجموعة الفتاوي لابن تيمية ج28 ص617و618 الموسوعة الشاملة
إرسال تعليق