الإمام الأوزاعي وفكاك الأسري
ذكر أبو سعيد الثعلبي أنه لما خرج إبراهيم ومحمد على أبي جعفر المنصور ـ الخليفة العباسي المعروف ـ أراد أهل الثغور أن يعينوه عليهما فأبوا ذلك فوقع في يد ملك الروم الألوف من المسلمين أسرى وكان ملك الروم يحب أن يفادى بهم ويأبى أبو جعفر فكتب الإمام الأوزاعي رحمه الله إلى أبي جعفر كتاباً قال فيه :
( أما بعد : فإن الله تعالى استرعاك أمر هذه الأمة لتكون فيها بالقسط قائما ، وبنبيه صلى الله عليه وسلم في خفض الجناح والرأفة متشبها ، وأسأل الله تعالى أن يسكن على أمير المؤمنين دهماء هذه الأمة ويرزقه رحمتها ،فإن سايحة المشركين غلبت عام أول وموطؤهم حريم المسلمين واستنزالهم العواتق والذراري من المعاقل والحصون وكان ذلك بذنوب العباد ، وما عفا الله عنه أكثر فبذنوب العباد استنزلت العواتق والذراري من المعاقل والحصون لا يلقون لهم ناصرا ولا عنهم مدافعا ، كاشفات عن رؤوسهن وأقدامهن فكان ذلك بمرأى ومسمع وحيث ينظر الله إلى خلقه وإعراضهم عنه، فليتق الله أمير المؤمنين وليتبع بالمفادات بهم من الله سبيلا وليخرج من محجة الله تعالى فان الله تعالى قال لنبيه :{ ومالكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا } والله يا أمير المؤمنين ما لهم يومئذ فيء موقوف ولا ذمة تؤدى خراجا إلا خاصة أموالهم وقد بلغني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إني لأسمع بكاء الصبي خلفي في الصلاة فأتجوز فيها مخافة أن تفتتن أمه فكيف بتخليتهم يا أمير المؤمنين في أيدي عدوهم يمتهنونهم ويتكشفون منهم مالا نستحله نحن إلا بنكاح وأنت راعي الله والله تعالى فوقك ومستوف منك يوم توضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين .. فلما وصل إليه كتابه أمر أبو جعفر بالفداء (1)
***********************************
1- شبكة الدفاع عن السنة خطبة للشيخ الهبدان بعنوان من لاسري المسلمين
إرسال تعليق