الطين جند من جنود الله
سنذكر بعون الله قصة نري فيها كيف تحول الطين إلى جند من جنود الله وقد حدثت هذه الكرامة لبطـــــــل من أبطال الإسلام الذين سقطوا من الذاكرة و ما أكثرهم و هو البطل "بالك بن بهران " رحمه الله الذى حدثت له هذه الكرامة فى أثناء حصار مدينة الرها الصلـــيبية و مدينة الرها هي أولى الإمارات الصليبية التى استولى عليها الصليبيون فى بلاد الشام اثناء الحملة الصليبية الأولى , و هي أيضا أولى المدن الكبرى التى استردها المسلمون من الصليبيين على يد البطـــــل عماد الدين زنكى رحمه الله . و لم يكن ذنكى هو أول من حارب الصليبيين و حاول إستعادة الرها و غيرها من الممالك الاسلامية من أيدى الصليبيين و لكن حاول قبله كثير من أبطال الإسلام الذين سقطوا من الذاكرة و منهم البطل بالك بن بهرام رحمه الله الذى خرج بجيشه فى عام 515هـ و حاصر مدينة الرها ليستردها من الصليبين فلم يظفر بها فأمر جيشة بالإنسحاب فانسحب الجيش بكامله و لم يتبقى مع بالك بن بهرام إلا أربعمائة فارس فى مؤخرة الجيش و هذا كان حال القادة المسلمون فى زمن العزة كانوا أول من يدخلون المعركة وآخر من ينسحبون منها .و قبل أن ينسحب بالك بمن معه من المسلمين جاءت إليه الأخبار عن طريق أحد عيون المسلمين أن ملك الصليبين جوسلين خرج بجيشه لينقض على مؤخرة الجيش الإسلامى خاصة أن فى مؤخرة الجيش القائد بالك بن بهرام فى عدد يسير من الجند فماذا فعل بالك بن بهرام ؟
أمام بالك أكثر من خيار منها أن يفر بمن معه من الفرسان و ينجوا بنفسه و لكن هذا الخيار سيعرض فلول الجيش الإسلامى للهلاك و ربما أغار جوسلين على أى مدينة إسلامية فى طريقه.و الخيار الثانى هو أن ينتظر بالك بن بهرام المدد و عودة باقى الجيش و لكن هذا مستحيل فجيش الصليبين على قاب قوسين أو أدنى و الخيار الثالث و الأخير هو أن يصمد بالك ،و جنوده أمام الصليبين فإما نصر من عند الله، و إما الشهادة وهم اقرب للشهادة من النصر وذلك لقلة عددهم وعتادهم فاختار بالك الخيار الثالث ،و قرر الصمود حتى النصر أو الشهادة معتمدا فى ذلك على قوله تعالى " كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ " (1)وعلي الفور قام بالك بتعبئة جنوده و تنظيم صفوفهم و ذكرهم بالله و جاء جيش الصليبيين يقودهم جوسلين في أعداد كثيرة و هنا نزل التأييد الالهى فقد أعمى الله عيون الصليبيين كما أعمى قلوبهم وأيد الله جنده بجند الطين و{ومَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} (2) فدخل جند الصليب فى أرض قد نضب عنها الماء فصارت وحلاً فغاصت خيولهم فيها وأقدامهم و لم يتمكنوا من الجري و الإسراع لثقل سلاحهم و دروعهم وأصبحو كخشب مسندة فرماهم المسلمون بالنشاب و الرماح فلم يفلت منهم أحد و أسر ملكهم جوسلين ووضع فى جلد جمل و خيط عليه إهانة له و بذل جوسلين فى فداء نفسه مالاً كثيراً و لكن بالك رفض الفداء و سجنه فى قلعة خرتبرت و لله الحمد و المنة. وقد ظل بالك بن بهرام يجاهد في سبيل الله الي أن رزق الشهادة بإذن الله تعالى مقبلا غير مدبر في سبيل تحريرأرض الإسلام عام 518(3)
***************************************
1- البقرة 249 2- المدثر 31
3- كتاب الكامل لابن الأثير ج9 حوادث سنة 515 و518 ص210و227بتصريف
إرسال تعليق