- الكلام جند من جنود الله
قال محمد بن تمام: "الكلام جند من جنود الله، ومثله مثل الطين، تضرب به الحائط فإن استمسك نفع، وإن وقع أثّر" (1)
لا شك في أن الكلمة القوية التي تؤثر في العدو يلقيها الله عزوجل علي لسان من يشاء من عباده وهذه الكلمة لها تأثير أقوى من المدفع والرشاش فعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((اهجوا قريشا، فإنه أشد عليها من رشق بالنبل))، فأرسل إلى ابن رواحة فقال: ((اهجهم))، فهجاهم فلم يرض، فأرسل إلى كعب بن مالك، ثم أرسل إلى حسان بن ثابت، فلما دخل عليه قال حسان: قد آن لكم أن ترسِلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم أدلع لسانه فجعل يحركه، فقال: والذي بعثك بالحق لأفرينّهم بلساني فريَ الأديم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تعجل فإنّ أبا بكر أعلمُ قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسبًا حتى يلخّص لك نسبي))، فأتاه حسّان ثم رجع فقال: يا رسول الله، قد لخّص لي نسبك، والذي بعثك بالحق لأسلنّك منهم كما تسلّ الشعرة من العجين، قالت عائشة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان: ((إن روح القدس لا يزال يؤيّدك ما نافحت عن الله ورسوله)) وقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((هجاهم حسان فشفى واشتفى))، قال حسان:
هجوتَ محمـدا فأجبتُ عنه وعند الله في ذاك الجــزاء
هجوتَ محمـدا بَرّا حنيفـا رسول الله شيمتُـه الوفـاء
فإنّ أبي ووالـدَه وعِرضـي لعرض محمّد منكـم وِقـاء
ثكلت بنيّتي إن لـم تروهـا تثير النقع من كنفي كـداء
يبـاريـن الأعنّة مصعدات على أكتافهـا الأسل الظماء
تظـلّ جيـادنا متمطرات تلطمهـن بالخمـر النسـاء
فإن أعرضتمو عنا اعتمرنـا وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلا فاصبروا لضراب يـوم يعـزّ الله فيـأه مـن يشـاء
وقال الله قـد أرسلت عبدا يقـول الحق ليـس به خفاء
وقال الله قد يسرت جنـدا هم الأنصار عرضتهـا اللقاء
لنا في كـل يوم مـن معدّ سـباب أو قتال أو هجـاء
فمن يهجو رسول الله منكم ويمدحـه وينصـره سـواء
وجبريل رسـول الله فينـا وروح القدس ليس له كفاء(2)
****************************************
1- حلية الأولياء (10/11).
2-أخرجه مسلم في فضائل الصحابة (2490)
إرسال تعليق