كرمات المجاهدين
وجـنــــد رب العالمين
قال تعالي :
(وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ) (المدثر31)
و قال الله تعالى:
{ولله جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} (الفتح 7)
جمع وترتيب محمود قناوي
المقدمة
إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) ، ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ) ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا )ثم أما بعد :
فنعم الله على عباده كثيرة لا تعد ولا تحصى قال تعالى (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) ومن تلك النعم تلك الفتوحات والكرامات التي يؤيد الله بها عباده المؤمنين المجاهدين في سبيله الباذليين أرواحهم رخيصة لاعلاء دينه فما كان الله ليذر صفوة عباده بدون تأيد إلهى وتثبيت ربانى وذلك فضل الواحد العلى وعبر التاريخ تجلى لطف الله بعباده المجاهديين وتأيده لهم بالملائكة وبالريح وبحجارة من سجيين بل وبالماء وبالنار وبالطيين فما أكثر جنود رب العالميين ولكننا عنها غافليين
قال جل قدره المعين :(وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ) (المدثر31) وفي هذه الرسالة سوف أذكر بعون الله المعين قصصاً لجند الله التي سخرها لنصرة عباده الموحدين ذكرتها في عجالة حتى يتسلى بها المجاهدين ولتنشيط الكسالا لنصرة الدين ولتبشير المستضعفيين المقهوريين بالنصر والفتح المبيين وليعلموا أنهم ليسوا في أرض الجهاد وحدهم ولكن الله معهم وجنده التى لا نرها بإذن الله ستنفعهم وعلى عدوهم ستنصرهم وترفعهم قال تعالى :
وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا سورة الفتح 7
فجنود الله كثيرة يصعب عدها وهى أعظم مما تتخيل بكثير فالكون كله جند من جنود الله جل في علاه ، يسخره كيف يشاء لنصرة عباده المؤمنين متى شاء بعد أن ضاقت بهم الدنيا وتقطعت الاسباب ولم يبق إلا الواحد الوهاب (حتي اذا استيئس الرسل وظنوا انهم قد كذبوا دجائهم نصرنا فنجي من نشاء)
قال الامام النووي
إن الكرامة يجعلها الله مخرجاً لأوليائه من شدتهم (1)
والكرامات في عهد التابعيين ومن جاء بعدهم من الصالحين أكثر من عهد الصحابة المياميين وذلك لقوة ايمان الصحابة رضي الله عنهم اجمعين فهم ليسوا في حاجة الى الكرامات كغيرهم فقد سئل الإمام أحمد ما بال الصحابة لم ينقل عنهم من الكرامات ما نقل عمّا بعدهم، فقال:
************************
1- النووي/مسلم 16/108].
لقوّة إيمانهم(1) وخوارق العادات إنما تكون لأمّة محمّد(صلّى الله عليه وسلّم)والمتّبعين له باطناً وظاهراً لحجة أو حاجة، فما لحجة لإقامة دين الله، والحاجة لما لا بدّ منه من النصر والرزق الذي به يقوم دين الله.
ولذا لمّا كان الصّحابة رضوان الله عليهم مستغنين في علمهم بدينهم وعملهم به عن الآيات بما رأوه من حال الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) ونالوه من العلم، صار كل من كان عنهم أبعد -مع صحة طريقته- يحتاج إلى ما عندهم في علم دينه وعمله، فيظهر مع الأفراد في أوقات الفترات (بعد الناس عن دينهم) ما لا يظهر لهم ولا لغيرهم من حال ظهور النّبوة والدعوة(2)
واعلم أخي ان هذه الكرمات قد تكون وبالا على صاحبها
قال شيخ الاسلام "إن الكرامة لا تدل أنّ صاحبها خير من الآخرين، بل قد تنقص الكرامة منزلة صاحبها عند الله بسبب الشهرة، وقد يدخل في النفس شيء من الإعجاب، ولذا كان كثير من الصالحين يستغفر عند ظهور الكرامة على يديه كما يستغفر من الذنب"(3) نسأل الله تعالى السلامة في الدين وصدق اليقين وقلب سليم
وبين يديك أخي الكريم موعظة قصيرة و تذكرة يسيرة لبعض القصص الجليلة التى تتجلى فيها عظمة الله وقوته وبطشه بالكافريين وقوة سطوته وتأيده للموحديين بفضله ورحمته حيث ايدهم بجنوده المنصورين (وان جندنا لهم الغالبون ) ذكرتها لك في عجالة مخافة الملل والاطالة لتأخذ منها العبرة والعظة لعل قصة منها توقظك من غفلتك فتهب لنصرة دينك وشريعتك وتمسح العار عن جبين أمتك
وهذا الكتيب الذي بين يديك لا يخلوا من عيب ونقص بل كل الكتب لا تخلوا من خطأ وخلل ونقصان إلا كلام ربنا القرءان قال الواحد الديان (ذلك الكتاب لا ريب فيه ) أما كتب البشر فيعتريها النقص والعيب فخذ ما فيها من حسن ودع القبيح ودعك من الطعن والتجريح وانصح بلطف بالتلميح او بالتصريح واحسن الظن ليهدأ قلبك ويستريح واسترفالله يحب الستر يا فصيح
ولله در القائل
فإن تجد عيبا فسد الخلال ....... جل من لا عيب فيه وعلا
وابذل النصيحة لأخوك
أنظار نظمي فالعيوب غزيرة ... فكلي عيوب بالتفضل فاجبروا
وستر فأنى عاجز ومقصر ... وأنتم فأهل بالفضائل تستروا
وفي الختام أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا العمل المسلمين وأن يجعله خالصا لوجه الكريم وأن يغفر لى ولوالدى وللمؤمنين
كتبه العبد الفقير محمود قناوي ال عمران
*********************************
1- حدائق الأنوار ومطالع الأسرار في سيرة النّبي المختار لابن البديع 1/185
2-مجموع الفتاوى 11/335
3-[مجموع الفتاوى 11/300].
إرسال تعليق