- الرعب جند من جنود الله
كتب محمود قناوي
- قال الله تعالى: {سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأعْنَـٰقِ وَٱضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}(2) فرَقاً حتى ينهزموا عنكم، {فَٱضْرِبُواْ فَوْقَ ٱلأعْنَـٰقِ(3)
قال الطبري: "يقول تعالى ذكره: سأرعبُ قلوب الذين كفروا بي ـ أيها المؤمنون ـ منكم، وأملؤها وقال القاسمي: "{سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ} أي: الخوف"(4)
وقال السعدي: "{سَأُلْقِى فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ} الذي هو أعظم جند لكم عليهم، فإن الله إذا ثبّت المؤمنين وألقى الرعب في قلوب الكافرين لم يقدر
****************************
1-المغرب في حلى المغرب (1/ 47)
2- الأنفال:12
3- جامع البيان (13/429).
4- محاسن التأويل (8/21)
...............................................................
الكافرون على الثبات لهم، ومنحهم الله أكتافهم"(1)وقال تعالى: {فَأَتَـٰهُمُ ٱللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ} (2)قال ابن كثير: " أي: الخوف والهلع والجزع، وكيف لا يحصل لهم ذلك وقد حاصرهم الذي نصر بالرعب مسيرة شهر صلوات الله وسلامه عليه؟!"(3) وقال المناوي: "((نصرت بالرعب)) أي: بخوف العدو مني، يعني بسببه، وهو الذي قطَّع قلوب أعدائه، وأخمد شوكتهم، وبدد جموعهم"(4)وقال القاسمي: "{وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ} أي: أنزله إنزالاً شديداً فيها، لدلالة مادة (القذف) عليه، كأنه مقذوف الحجارة"(5) وقال السعدي: "وهو الخوف الشديد، الذين هو جند الله الأكبر، الذي لا ينفع معه عدد ولا عدة، ولا قوة ولا شدة، فالأمر الذي يحسبونه ويظنون أن الخلل يدخل عليهم منه إن دخل هو الحصون التي تحصنوا بها، واطمأنت نفوسهم إليها، ومن وثق بغير الله فهو مخذول، ومن ركن إلى غير الله فهو عليه وبال، فأتاهم أمر سماوي نزل على قلوبهم التي هي محل الثبات والصبر أو الخور والضعف، فأزال الله قوتها وشدتها، وأورثها ضعفاً وخوراً وجبناً، لا حيلة لهم ولا منعة معه، فصار ذلك عوناً عليهم"(6) وقال تعالى: {سَنُلْقِى فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ}(7) وقال السدي: "لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين نحو مكة، انطلق أبو سفيان حتى بلغ بعض الطريق، ثم إنهم ندموا فقالوا: بئس ما صنعتم، إنكم قتلتموهم، حتى إذا لم يبق إلا الشريد تركتموهم، ارجعوا فاستأصلوهم، فقذف الله عز وجل في قلوبهم الرعب فانهزموا. فلقوا أعرابياً، فجعلوا له جُعلاً وقالوا له: إن لقيت محمداً فأخبره بما قد جمعنا لهم. فأخبر الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم، فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد، فأنزل الله عز وجل في ذلك، فذكر أبا سفيان حين أراد أن يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وما قُذف في قلبه من الرعب فقال: {سَنُلْقِى فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ}"(8)وقال الطبري: "يعني بذلك جل ثناؤه: سيلقى الله ـ أيها المؤمنون ـ {فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ} بربهم وجحدوا نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ممن حاربكم بأحد {ٱلرُّعْبَ}، وهو الجزع والهلع {بِمَا أَشْرَكُواْ بِٱللَّهِ}، يعني: بشركهم بالله وعبادتهم الأصنام، وطاعتهم الشيطان التي لم أجعل لهم بها حجة، وهي السلطان التي أخبر عن وجل أنه لم ينزله بكفرهم وشركهم. وهذا وعدٌ من الله جل ثناؤه أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنصر على أعدئهم، والفلج عليهم، ما استقاموا على عهده، وتمسكوا بطاعته"(9)
*************************************
1- تيسير الكريم الرحمن (ص 316). 2- [الحشر:2
3-تفسير القرآن العظيم (4/355). 4- فيض القدير (1/564).
5- محاسن التأويل (16/94-95).
6- تيسير الكريم الرحمن (ص 849).
7- [آل عمران:151].
8- أخرجه الطبري في جامع البيان (7/280).
9- جامع البيان (7/279). وانظر: الجامع لأحكام القرآن (4/232)
..................................................................
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أُعطيت خمساً لم يعطهن أحدٌ قبلي: نُصرت بالرُّعب مسيرة شهرٍ...))(1)
ومما سبق يتبين لك أن الخوف من الأسلحة الفتاكة والتي إن ابتلي بها جيش هزم لا محالة وقد نصر الله به نبيه صلي الله عليه وسلم لهذا يقول النبي صلي الله عليه وسلم (نصرت بالرعب مسيرة شهر ) ولأن الخوف سلاح فتاك فإنك تجد أعداء الاسلام يحاولون استخدمه دائما ، وذلك ببث الاشاعات والتهويل من العدد والعدة والجيش الذي لا يقهر ،وقوة السلاح، ودقته كل ذلك عن طريق الإعلام الكاذب الموالي للكفار ، وهذا السلاح قد حاول الأعداء إستخدامه من قديم الزمن
جاء في ترجمة يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن، صاحب بلاد المغرب أنه وقع بينه وبين الأذفونش، نصراني طليطلة، مكاتبات قال: بعث الأذفونش إلى الأمير يعقوب يتوعده ويتهدده، ويطلب منه بعض حصون، وكتب له رسالة من إنشاء وزيره ابن النجار وهي: باسمك اللهم فاطر السموات والأرض، وصلى الله على السيد المسيح روح الله وكلمته الفصيح، أما بعد فإنه لا يخفى على ذي ذهن ثاقب ولا ذي عقل لازب أنك أمير الملة الحنيفية، كما أني أمير الملة النصرانية، وقد علمت ما عليه رؤساء الأندلس من التخاذل والنكول والتكاسل، وإهمالهم أمر الرعية وإخلادهم إلى الراحة والأمنية، وأنا أسوسهم بحكم القهر وإخلاء الديار وسبي الذراري،وأمثل بالرجل وأذيقهم عذاب الهوان، وشديد النكال، ولا عذر لك في التخلف عن نصرتهم، إذا مكنتك القدرة وساعدك من عساكرك وجنودك كل ذي رأي وخبرة، وأنتم تزعمون أن الله تعالى قد فرض عليكم قتال عشرة منا بواحد منكم، والآن خفف الله عنكم،وعلم أن فيكم ضعفاً، رحمة منه، ونحن الآن نقاتل عشرة منكم بواحد منا لا تستطيعون دفاعاً، ولا تملكون امتناعاً، ولقد حكي عنك أنك أخذت في الاحتفال وأشرفت على ربوة القتال، وتماطل نفسك سنة بعد أخرى تقدم رجلاً وتؤخر أخرى، فلا ندري أكان لجبن إبطاؤك أم لتكذيب بما وعد ربك، ثم قيل لي أنك لا تجد إلى الجواز سبيلاً، ولعله لا يسوغ لك التقحم فيه ميلاً، وها أنا أقول لك ما فيه الراحة وأعتذر عنك، ولك علي أن تفي بالعهود والمواثيق والاستكثار من البرهان، وإلا جئت بحملتي إليك وأقاتلك في أعز الأماكن عليك، فإن كانت النصرة لك كانت غنيمة كبيرة جاءت إليك وإن كانت لي كانت يدي العليا عليك، والله الموفق لا رب غيره، ولا خير إلا خيره.
قال: فمزق يعقوب الكتاب، وكتب على قطعة منه: ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون. الجواب ما ترى لا ما تقرأ واستشهد ببيت المتنبي.
ولا كتب إلا المشرفية عنده ... ولا رسله إلا الخميس العرمرم
ثم أمر بكتائب الاستنفار واستدعاء الجيوش من الأمصار، وضرب السرادقات من يومه بظاهر البلد، وصار إلى البحر المعروف بزقاق سبتة، فعبر فيه إلى الأندلس، ودخل إلى بلاد الإفرنج، فكسرهم كسرة شنيعة، وعاد بغنائمهم والله أعلم (2)
كما استخدمة التتارهذا السلاح ايضا حتى استطاعوا ان يقتلوا الجندي المسلم نفسيا قبل ان يقتلوه في ساحة المعركة حتى ان جيوش المسلمين كانت تهرب من لقاء التتار وتفر منهم لاعتقادهم انهم لا محالة مهزومين فجيش التتار لا يقهر وجنود هولاكو لا يموتون وحوافر خيوله من قوتها تخرج من الارض نار وما انتصر المسلمون عليهم الا بعد ان زرع قطز رحمه الله في جنوده الثقة في الله وعدم الخوف من العدو فكان النصر وكانت عين جالوت
****************************
1- جزء من حديث أخرجه البخاري في كتاب التيمم،ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة
2- إعلام الناس بما وقع للبرامكة ج1 ص113
إرسال تعليق