1- شهيد القرآن
أحمد بن نصر بن مالك الخزاعي
كان أحمد بن نصر من أهل العلم و الديانة ، و العمل الصالح ، و الإجتهاد في الخير ، و كان من أئمة السنة ، الآمرين بالمعروف و الناهين عن المنكر ، و كان من الذين ثبتوا علي قولهم بأن القرآن كلام الله منزل غير مخلوق ، و كان الخليفة الواثق من أشد الناس في القول بخلق القرآن ، يدعو إليه سراً و جهراً ، ليلاً و نهاراً .
فقام أحمد بن نصر بدعوة الناس إلي عدم قبول هذه البدعة ، فبايع ألوف من الناس أحمد بن نصر على الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر ، فقبض الواثق عليه و أحضره أمام القاضي المعتزلى أحمد بن أبي دؤاد و قال له الواثق ما تقول في القرآن؟؟
فقال أحمد بن نصر : كلام الله .
قال الواثق : أمخلوق هو ؟
فرد أحمد بن نصر قائلا : هو كلام الله .
و كان أحمد بن نصر قد استقتل و باع نفسه إلي الله، و حضر و قد تحنط و تنور و شد على عورته ما يسترها ..
فقال له الواثق : فما تقول في ربك أتراه يوم القيامة ؟
فقال : يا أمير المؤمنين ، قد جاء القرآن و الأخبار بذلك ، قال الله تعالى { وجوه يومئذ ناضره إلى ربها ناظره }
و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: إنكم ترون ربكم كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته " فنحن على الخبر .
فقال الواثق لمن حوله : ما تقولون في هذا الرجل ؟
فقال القاضي أحمد بن دؤاد : هو كافر يستتاب لعل به عاهة أو نقص عقل .
فقام الواثق إليه و ضربه بالسيف حتى قتله ثم حز رأسه و حمل معترضا حتى صلبه
وظل مصلوبا سبع سنوات وبعد تولية المتوكل الذي نصر السنة وقمع البدع أمر أن ترسل جثته إلى أهله فلما جاءوا بجثته أنزلوا الرأس ثم صيروه مع الجثة ثم غسلوه وندفوا القطن وجعلوه تحته وفوقه وجعلوا العظام مع الرأس ثم دفنوه بالقطن فحضر جنازته عدد كبير، وخرجوا به إلى موضع واسع من كثرة الخلق.
قال جعفر بن محمد الصائغ : سمعت أحمد بن نصر حين ضربت عنقه يقول رأسه لا إله الا الله
و سمعه بعض الناس و هو مصلوب يقرأ { الم . أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا أمنا و هم لا يفتنون }
قال عبيد الله بن عمر القواريري رأيت أحمد بن نصر الذي كان قتله الواثق في المنام فقال أول ما فعل بي ربي أن غفر لكل من كره قتلي.
قال أحمد بن حنبل عن أحمد بن نصر " رحمه الله ما أسخاه بنفسه لله لقد جاد بنفسه له
( إنتقام الله ممن قتلوا أحمد بن نصر:
"قال عبد العزيز صاحب كتاب الحيده " قيل للمتوكل يا أمير المؤمنين ما رأينا عجب من أمر الواثق ، قتل أحمد بن نصر و كان لسانه يقرأ القرآن إلي أن دفن ، فوجل المتوكل من كلامه و ساءه ما سمع في أخيه الواثق ، فلما دخل عليه الوزير محمد بن عبد الملك بن الزيات قال له المتوكل : في قلبي شيئ من قتل أحمد بن نصر .
فقال يا أمير المؤمنين أحرقني الله بالنار إن لم يكن كافراً .
ودخل عليه هرتمه فقال له في ذلك :فقال قطعني الله إربا إربا إن قتلته إلا كافرا .
و دخل عليه القاضي أحمد بن دؤاد فقال له مثل ذلك فقال : ضربني الله بالفالج إن قتله الواثق إلا كافراً .
قال المتوكل : فأما بن الزيات فأنا أحرقته بالنار و أما هرتمه فقد قطعته قبيلة خزاعه إرباً إرباً ، و أما بن أبي دؤاد فقد سجنه الله في جسده " يعني بالفالج " قبل موته بأربعة سنين .
وذكر بن الأثير نهاية بن الزيات بالتفصيل فقال: لما ولي الخلافة المتوكل أمهل حتى كان صفراً فأمر إيتاخ بأخذ ابن الزيات وتعذيبه، فاستحضره فركب يظن أن الخليفة يستدعيه، فلما حاذى منزل إيتاخ عدلا به إليه فخاف فأدخله حجرة، ووكل عليه وأرسل إلى منازله من أصحابه من هجم عليها وأخذ كل ما فيها واستصفى أمواله، وأملاكه في جميع البلاد ، وكان شديد الجزع كثير البكاء والفكر ، ثم سوهر وكان ينخس بمسلة لئلا ينام ، ثم ترك فنام يوما ًوليلة ثم جعل في تنور عمله هو وعذب به ابن أسماط المصري وأخذ ماله ، فكان من خشب فيه مسامير من حديد أطرافها إلى داخل التنور وتمنع من يكون فيه من الحركة وكان ضيقا بحيث أن الانسان كان يمد يديه إلى فوق رأسه ليقدر على دخوله لضيقه ولا يقدر من يكون فيه يجلس فبقي أياما فمات ، وكان حبسه لسبع خلون من صفر وموته لإحدى عشرة بقيت من ربيع الأول . واختلف في سبب موته فقيل كما ذكرناه ، وقيل : بل ضرب فمات وهو يضرب ، وقيل : مات بغير ضرب وهو أصح ، فلما مات حضره إبناه سليمان وعبيد الله ، وكانا محبوسين وطرح على الباب في قميصه الذي حبس فيه ،فقالا : الحمد لله الذي أراحنا من هذا الفاسق وغسلاه على الباب ودفناه ، فقيل :إن الكلاب نبشته وأكلت لحمه ، قال : وسمع قبل موته يقول لنفسه : يا محمد الم تقنعك النعمة ، والدواب ، والدار النظيفة ، والكسوة وأنت في عافية حتى طلبت الوزارة؛ ذق ما عملت بنفسك ثم سكت عن ذلك هكذا كانت نهاية بن الزيات .
و أما الخليفة الواثق فقد ذكر السيوطي نهاية الواثق في تاريخ الخلفاء فقال : أما الواثق فعندما مات اشتغل الناس ببيعة المتوكل فجاء جرذون فأستل عينه فأكلها (1)
************************************
1 – انظر تاريخ الخلفاءللسيوطي ص349 و353
وكتاب المحن لأبو العرب محمد بن أحمد التميمي ص215
والكامل لابن الاثيرج6 حوادث سنة 231 و 233 ص86و96
وكتاب سير اعلام النبلاء ج9ص439
أخيا هكذا ضحي السلف من أجل القرآن فمن للإسلام اليوم ؟؟
أخيا إن لم تكن أنت للإسلام فمن للإسلام؟
أخيا :: هكذا عاش السلف الصالح من أجل القرآن ،وهكذا ماتوا من أجله فأين من يضحي اليوم بنفسه أو ببعض وقته وماله من أجل نصرة القرآن ونحن نري القرآن اليوم يدنس ويمزق ويرسم عليه الصلبان من قبل أعداء الإسلام و إنا لله وإنا إليه راجعون أماتت الهمم وجفت ينابيع الخير فينا
ولله در القائل :
أتتني في سكون الليل أطياف لماضينا ...... وراحت تنثر الأشواق والذكرى أفانيا
وضجت في حنايا الروح أنات المنادين...... أسائلكم من الأعماق عما كان يحيينا
أما كنا بجوف الليل رهبانا مصلينا ...... وفرساناً إذا ما قد دعا للموت داعينا
وحين الكرب والبلوى سعى بالخير ساعينا ..... أسائلكم ونفسي هل أصاب القحط وادينا
وهل جفت ينابيع الهدى أم أجدبت فينا..... وما المعنى بأن نحيا فلا نحيي بها الدين
وما المعنى بأن نجتر مجداً ماضياً حينا ...... وحينا نطلق الآهات ترويحاً وتسكيناً
أينفعنا انهمار الغيث إن ماتت أراضينا ...... وما الجدوى من الأفكار ماتت والمربين
اذا ما جذوة الإسلام لم تشعل براكينا...... أكانت حرقة الإيمان تزييفاً وتلوينا
أكانت رنة القرآن ترديداً وتلحيناً ...... أكانت تلكم الأفواج أرقاماً تسلينا
أسائلكم لأن الموج كاد اليوم يطوينا ...... فمن للحق يجلوه إذا كلت أيادينا
ومن للغاية الكبرى إذا ضمرت أمانينا...... ومن للأمة الغرقى إذا كنا الغريقين
أسائلكم أسائلكم عسى يوماً يؤاتينا ...... ونضرم فيه بالإقدام يرموكاً وحطين
فعذراً إن عرفت اليوم ألحان الشجيين...... وإن أسرفت في التبيان عما بات يدمينا
فإن الكون مشتاق لكم شوق المحبين ...... بنا يعلو منار الحق في الدنيا ويعلينا
إرسال تعليق