لا شك في أن فرنسا هى صاحبة التاريخ الأسود ضد الإسلام والمسلمين فقد أذاقت المسلمين الويلات في كل بلد احتلته فكم من دماء سُفكت، وكم من أعراض هُتكت، وكم من حرمات انتُهكت، وكم من حقوق ضُيعت، وكم من كرامات أُهدرت، وكم من ألوف اختُطفوا من منازلهم، ثم ذُهب بهم إلى حيث لا يُدرَى أهم
أحياء أم أموات؟ وكم من أناس قُتلوا في سجونهم بأيدي سجَّانيهم، خُفية أو جهرة!! وكم… وكم...
وإليك بعض جرائمها في الجزائر:
كتبت لجنة التحقيق الفرنسية للملك شارل العاشر الفرنسي ما نصه: ((كيف يجوز لنا أن نشكوا من مقاومة الجزائريين للإحتلال في وقت قامت فيه فرنسا بتهديم المساجد، وإلغاء القضاء الشرعي، والإستيلاء على أموال الأوقاف، وتعيين الإمام والمفتي المواليين للإدارة الفرنسية؟
لقد أهدرت السلطات الفرنسية حقوق الشعب، وداست مقدساته، وسلبت حرياته، واعتدت على الملكية الفردية، ودنس جنودها المساجد، ونبشوا القبور وأعدموا شيوخاً من الصالحين لأنهم تجرأوا على الشفاعة لمواطنيهم، وأنعمت هذه السلطات على، الخونة الذين باعوا بلادهم باسم المفاوضة)) أهـ
ويقول الجنرال شانقاونيبي ما نصه ((لقد كانت التسلية الوحيدة التي أستطيع أن أسمح بها للجند أثناء فصل الشتاء هي السماح لهم بغزو القبائل))(1)
هذه هي حضارة الغرب الصليبي الحاقدة هذه هي حقيقة عقيدتهم هذا ما تقوله نصوص كتابهم المقدس في العهد الجديد(الإنجيل) و العهد القديم(التوراة ).. وهذا ما يحدث على أرض الواقع بتمامه.
فقد جاء على لسان المسيح -كما يزعمون-: "لا تظنوا أني جئت لألقي سلاماً على الأرض. ما جئت لألقي سلاماً بل سيفاً" [متّى: 10: 34].
وجاء في سفر حزقيال [9 : 5 ـ 7] على لسان (الرب): تحريض صريح على قتل الاطفال والنساء "اعْبُرُوا فِي الْمَدِينَةِ خَلْفَهُ وَاقْتُلُوا. لاَ تَتَرََّأفْ عُيُونُكُمْ وَلاَ تَعْفُوا. أَهْلِكُوا الشَّيْخَ وَالشَّابَّ وَالْعَذْرَاءَ وَالطِّفْلَ وَالنِّسَاءَ. وَلَكِنْ لاَ تَقْرَبُوا مِنْ أَيِّ إِنْسَانٍ عَلَيْهِ السِّمَةُ، وَابْتَدِئُوا مِنْ َقْدِسِي. فَابْتَدَأُوا يُهْلِكُونَ الرِّجَالَ وَالشُّيُوخَ الْمَوْجُودِينَ أَمَامَ الْهَيْكَلِ. وَقَالَ لَهُمْ : نَجِّسُوا الْهَيْكَلَ وَامْلَأُوا سَاحَاتِهِ بِالْقَتْلَى، ثُمَّ اخْرُجُوا. فَانْدَفَعُوا إِلَى الْمَدِينَةِ وَشَرَعُوا يَقْتُلُون"
أليس هذا ما حدث في بيت المقدس حين دخله الصليبيون أول مرة!!
***************************
1-مجلة منابر الدعوة العدد 1811 بتصريف
2- تاريخ العرب الحديث للشيخ محمود شاكر بتصريف
3- كفاح العلماء في تشاد ضد الاستعمار الفرنسي،التركي لعبد الباسط حسن
اليس هذا ما قام به ريتشار قلب الأسد عندما استولي علي عكا وذبح خمسة عشر ألف مسلم وهم كل أهلها!!
أليس هذا هو ما قام به الصليبيون في معركة النعمان فقد أبادوا كل أهلها 100الف مسلم ؟؟!
اليس هذا ما فعله المهاجرون الأوربيون في قارة أمريكا حيث أبادوا سكانها من الهنود الحمروالذين يقدر عددهم بالملايين !! إنها تعاليم الكتاب المقدس
و الكتاب المقدس (المحرف) هو الكتاب الوحيد الذي يأمر بقتل الأطفال!!
وجاء في سفر العدد (31: 1ـ 18): "وَقَالَ الرَّبُّ لِمُوسَى: انْتَقِمْ مِنَ الْمِدْيَانِيِّينَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ، وَبَعْدَهَا تَمُوتُ وَتَنْضَمُّ إِلَى قَوْمِكَ. فَقَالَ مُوسَى لِلشَّعْبِ: جَهِّزُوا مِنْكُمْ رِجَالاً مُجَنَّدِينَ لِمُحَارَبَةِ الْمِدْيَانِيِّينَ وَالانْتِقَامِ لِلرَّبِّ مِنْهُمْ. فَحَارَبُوا الْمِدْيَانِيِّينَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ وَقَتَلُوا كُلَّ ذَكَرٍ؛ وَقَتَلُوا مَعَهُمْ مُلُوكَهُمُ الْخَمْسَةَ: أَوِيَ وَرَاقِمَ وَصُورَ وَحُورَ وَرَابِعَ، كَمَا قَتَلُوا بَلْعَامَ بْنَ بَعُورَ بِحَدِّ السَّيْفِ. وَأَسَرَ بَنُو إِسْرَائِيلَ نِسَاءَ الْمِدْيَانِيِّينَ وَأَطْفَالَهُمْ، وَغَنِمُوا جَمِيعَ بَهَائِمِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ وَسَائِرَ أَمْلاَكِهِمْ، وَأَحْرَقُوا مُدُنَهُمْ كُلَّهَا بِمَسَاكِنِهَا وَحُصُونِهَا، وَاسْتَوْلَوْا عَلَى كُلِّ الْغَنَائِمِ وَالأَسْلاَبِ مِنَ النَّاسِ وَالْحَيَوَانِ، ... فَخَرَجَ مُوسَى وَأَلِعَازَارُ وَكُلُّ قَادَةِ إِسْرَائِيلَ لاِسْتِقْبَالِهِمْ إِلَى خَارِجِ الْمُخَيَّمِ ، فَأَبْدَى مُوسَى سَخَطَهُ عَلَى قَادَةِ الْجَيْشِ مِنْ رُؤَسَاءِ الأُلُوفِ وَرُؤَسَاءِ الْمِئَاتِ الْقَادِمِينَ مِنَ الْحَرْبِ، وَقَالَ لَهُمْ: لِمَاذَا اسْتَحْيَيْتُمُ النِّسَاءَ؟ إِنَّهُنَّ بِاتِّبَاعِهِنَّ نَصِيحَةَ بَلْعَامَ أَغْوَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لِعِبَادَةِ فَغُورَ، وَكُنَّ سَبَبَ خِيَانَةٍ لِلرَّبِّ، فَتَفَشَّى الْوَبَأُ فِي جَمَاعَةِ الرَّبِّ. فَالآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ، وَاقْتُلُوا أَيْضاً كُلَّ امْرَأَةٍ ضَاجَعَتْ رَجُلاً، وَلَكِنِ اسْتَحْيَوْا لَكُمْ كُلَّ عَذْرَاءَ لَمْ تُضَاجِعْ رَجُلاً".
وجاء في سفر إشعيا (13 : 16) يقول (الرب): "وتحطم أطفالهم أمام عيونهم وتنهب بيوتهم وتفضح نساؤهم".
أليس هذا بتمامه ما شاهدناه في البوسنة والهرسك وقديما في اليونان وبلغاريا ؟ ألم يكونوا يحطّمون الأطفال -وليس فقط يقتلونهم، بل يضعونهم في خلطات الأسمنت ويعلقونهم بمسامير كبيرة في الأشجار ويتركونهم ينزفون حتى الموت!! ألم تفضح مئات آلاف من نساء المسلمين في البوسنة والهرسك و العراق والشيشان وتغتصب أمام أعين الرجال؟ ألم تنهب البيوت؟!
إن كل هذه الجرائم التي ارتكبها النصاري الغربين لم تكن أبداً أخطاء فردية قام بها بعض القادة ولكنها تعاليم الكتاب المقدس!
واسمع إلى الكتاب المقدس وهو يأمر بحرب إبادة كاملة: "أما مُدُنُ الشُّعُوبِ الَّتِي يَهَبُهَا الرَّبُّ إِلَهُكُمْ لَكُمْ مِيرَاثاً فَلاَ تَسْتَبْقُوا فِيهَا نَسَمَةً حَيَّةً، بَلْ دَمِّرُوهَا عَنْ بِكْرَةِ أَبِيهَا، كَمُدُنِ الْحِثِّيِّينَ وَالأَمُورِيِّينَ وَالْكَنْعَانِيِّينَ وَالْفِرِزِّيِّينَ وَالْحِوِّيِّينَ وَالْيَبُوسِيِّينَ كَمَا أَمَرَكُمُ الرَّبُّ " جاء في سفر التثنية (20 : 16).أليس هذا ما حدث في بلغاريا واليونان والأندلس قديما أليس هذا ما حدث في عهد الإستعمار الغربي للعالم الإسلامي في العصر الحديث
لقد حقق الصليبيون في العصر الحديث ما يأمرهم به كتابهم المقدس من قتل وإرهاب وتوحش
فخلال تاريخ الحركة الإستعمارية الصليبية الغربية للعالم الإسلامي وبقية المستعمرات الهندية والأمريكية أظهر المستعمر الصليبيي صوراً قاتمة من الظلم والقهر والإستغلال.
فقد ارتكب المستعمرون مجازر بحق الشعوب التي قامت تدافع عن دينها وخيراتها، فقد بلغت أعداد قتلى المسلمين في الهند حتى عام 1880م مليون مسلم سقطوا على يد الإنجليز، ومثله كانت الجزائر بلد المليون شهيد.
وكان البرتغاليون قد أحدثوا مجازر عند سيطرتهم على الشواطئ الهندية، وسجل القائد البرتغالي البوكيرك بفخر بعضاً منه وهو يخاطب ملك البرتغال مهنئاً إياه بالسيطرة على مقاطعة جوا الهندية فيقول : " وبعد ذلك أحرقت المدينة، وأعملت السيف في كل الرقاب، وأخذت دماء الناس تراق أياماً عدة.... وحيثما وجدنا المسلمين لم نوقر معهم نفساً، فكنا نملأ بهم مساجدهم، ونشعل فيها النار، حتى أحصينا ستة آلاف روح هلكت، وقد كان ذلك يا سيدي عملاً عظيماً رائعاً أجدنا بدايته وأحسنا نهايته ".
وفي الجزائر يقول الجنرال الفرنسي شان : " إن رجاله وجدوا التسلية في جز رقاب المواطنين من رجال القبائل الثائرة في بلدتي الحواش وبورقيبه ".
ويخط الماريشال سانت أرنو إلى زوجته بعض ما صنعه وجنوده في الجزائر فيقول : " إن بلاد بني منصر بديعة، وهي من أجمل ما رأيت في أفريقيا، فقُراها متقاربة، وأهلها متحابون، لقد أحرقنا فيها كل شيء، ودمرنا كل شيء... أكتب إليك يحيط بي أفق من النيران والدخان، لقد تركتني عند قبيلة البزار فأحرقتهم جميعاً، ونشرت حولهم الخراب، وأنا الآن عند السنجاد أعيد فيهم الشيء نفسه ولكن على نطاق أوسع ".
ويقول مونتياك في كتابه " رسائل جندي " وهو يصف إحدى المذابح التي حضرها : "لقد كانت مذبحة شنيعة حقاً، كانت المساكن والخيام في الميادين والشوارع والأفنية التي انتشرت عليها الجثث في كل مكان، وقد أحصينا في جو هادئ بعد الاستيلاء على المدينة عدد القتلى من النساء والأطفال فألفيناهم ألفين وثلاثمائة، وأما عدد الجرحى فلا يكاد يذكر لسبب هو أننا لم نترك جرحاهم على قيد الحياة ".
وقد بلغ عدد القتلى في مدينة سطيف في مايو 1945م ما يقرب الأربعين ألفاً.
ويشنع الكونت هيريسيون على هذه القبائح التي لا مبرر لها فيقول : " فظائع لا مثيل لها، أوامر الشنق تصدر من نفوس كالصخر يقوم بتنفيذها جلادون قلوبهم كالحجر... في أناس مساكين جُلُّ ذنبهم أنهم لايستطيعون إرشادنا إلى ما نطلب إليهم أن يرشدونا إليه ". (( وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا بالله العزيز الحميد))
وفي مدغشقر قتلت القوات الفرنسية ثمانين ألف في ضربة واحدة للثائرين من سكان الجزيرة، فيما أعمل الإنجليز القتل في قبائل( ماو ماو) الأفريقية، ثم ادعوا أن وحوشاً مفترسة ظهرت في المنطقة وتخطفت الآلاف إلى مصارعهم. وقد تفنن المستعمرون في طرق إبادة هذه الشعوب، ومما أبدعوه في هذا الباب طريقة يسمونها "جهنم" حيث يتبع الجنود الهاربين من النساء والأطفال والرجال إلى الكهوف فيشعلون عند باب الكهف ناراً عظيمة، فيموت من بداخله حرقاً أو خنقاً "
وقد يتصور البعض أن الإجرام الصليبي كان في الوقت الحديث فقط ولكن التاريخ يشهد أن الإجرام الصليبي بدأ منذالعصور الوسطي كما أن التاريخ يشهد أن أول من دعى للحملات الصليبية هو بابا الفاتيكان أوربان الثاني تلك الحملات الغاشمة التي قتل فيها مئات الآلاف من المسلمين بل قتل ملايين الشهداء خلال قرنين من الزمان و يشهد التاريخ أن الكنيسة استمرت في إشعال نار الحرب ضد المسلمين ، مثل هذه الحرب التي أشعلها البابا أونريس الثالث بمجرد جلوسه على كرسي البابوية عام 1246م والتي توجهت إلى مصر وحاصرت دمياط لمدة ستة عشر شهراً ولكن في النهاية سقطت في أيدي الغزاة الصليبيين فخربوا البلاد و ( المجاعة عملت في السكان حتى أفنت منهم العدد الكبير ، واشتد السيف ، انتشرت الأوبئة ، حتى أنه من بين ثمانين ألفاً من السكان لم يبق سوى ثلاثة آلاف . وامتلأ الجو من رائحة الجثث . ومع ذلك لم يمتنع الصليبيون وسط هذه الأهوال من الإستمرار في قسوتهم وأعمال وحشيتهم ) (1)
هذا هو الوجه الحقيقي للنصرانية يا ماكرون، أنها لا تحب أحداً، وأنها لا تحمل وقاراً (للآخر)، وليس عندها إلا القتل والسفك إن قدرت. هذا ما يقوله الكتاب المقدس و التاريخ، وما ينطق به الواقع في (أبو غريب) و (جوانتنامو) و (قلعة حاجي) في أفغانستان وغيرهم.
وصدق الله العظيم {كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} (2)
شتان شتان بين أولئك الأوغاد وكتبهم المحرفة وبين رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنا لا أضع رسول الله صلي الله عليه وسلم في مقارنه مع أولئك الكفرة الفجرة حاشا لله
ألم تر أن السيف ينقص قدره ..............أن قيل أن السيف أمضي من العصي
ولكن إليك جانب من وصايا النبي الرحيم صلي الله عليه وسلم وهو يوصي قادة الجند لتعرف الفارق الكبير بين رحمة الإسلام وجرم النصرانية وبين عدل الإسلام وجور الأديان
و منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للجيش حين يغزوا: «انطلقوا باسْمِ الله وَبالله وَعَلَى مِلّةِ رَسُولِ الله، وَلا تَقْتُلُوا شَيْخاً فَانِياً وَلاَ طِفْلاً وَلا صَغيراً وَلا امْرَأةً، وَلا تَغُلّوا وَضُمّوا غَنَائِمَكُم وَأصْلِحُوا وَأحْسِنُوا إنّ الله يُحِبّ المُحْسِنِينَ»(3)
************************************
1- مختصر تاريخ الكنيسة ـ أندرو ملر ـ ص370 وظلت مدينة دمياط المصرية في يد الصليبين إلي أن أنقذها الله بالكامل الثاني الايوبي ملك مصر والشام
2-التوبة 8 3- (زيادة الجامع الصغير- للإمام السيوطي)
وقوله عليه الصلاة والسلام: «سِيُروا بِاسْمِ اللهِ، وَفِي سَبِيلِ اللهِ. قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، وَلاَ تَمْثُلُوا، وَلاَ تَغْدِرُوا، وَلاَ تَغُلُّوا، وَلاَ تَقْتُلُوا وَلِيداً»(1)
ويذكرالتاريخ أن السلطان صلاح الدين الايوبي الذي تظهر أخلاقياته كالقائد مسلم والذي تربى على مائدة القرآن الذي يأمرنا بالعدل والرحمة حتى مع الاعداء (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)(2)
فلم يذبح الأطفال والنساء والعجائز كما فعل الصليبيون في الحملة الصلبية الأولي ولكن انظروا ماذا يقول المؤرخ النصراني أندرو ملر ( ولكن مع ذلك كان تصرف صلاح الدين ، وهو المسلم المنتصر ، خالياً كل الخلو من روح الانتقام التي ظهرت من الفرنجة بقيادة جدفري ، فقد حافظ على القبر المقدس وسمح للمسيحيين بزيارته في نظير إتاوة معلومة أما كرمه وتسامحه في معاملة أسراه فهو أمر قد أشاد به كل الكتّاب وأجمع عليه كل المؤرخين . فقد أطلق الآلاف من الأسرى بلا ديّة ، وأرسل عدداً كبيراً إلى أوربا على نفقته الخاصة ، كما أنه سمح بالبقاء في أماكنهم بشرط أن يدفعوا الجزية) هذا ما قاله المؤرخ النصراني والحق ما شهدت به الأعداء (3)
وقد يسأل سائل كيف تقولون أن عندكم رحمة والاسلام يدعو إلي التبرء من الكفار؟ والجواب : نعم،نحن عندنا الولاء والبراء، {لَا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ}(4)
ولكن عندنا رحمة حتي مع الأعداء فنحن مع بغضنا لأعداء الله إلا أننا لا نظلمهم وإن
قاتلناهم لا نمثل بهم ولا نقتل أطفالهم ونسائهم وشيوخهم ولا نحرقهم وهم أحياء كما هو الحال في الإنجيل والتوراة فالإسلام دين الرحمة حتي مع الأعداء .
والأدلة على نهي الإسلام أتباعه عن الإحراق والصلب والتمثيل حتى بالكافرين إلا لمن مثَّل كثيرة واليك بعضها.
*************************************
1- . رواه ابن ماجه.
2- المائدة 8
3- مختصر تاريخ الكنيسة ـ أندرو ملر ـ ص 266 )
4- [المجادلة:22]
من القرآن الكريم
قوله تعالى: "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين" ها نحن نرى أن الإسلام لم يكتفِ بالنهي عن التمثيل بل حثَّ على العفو حتى عمن مثَّل بالمسلمين.
ومن السنة
1- وعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميراً على سرية، أوجيش، أوفي حاجة نفسه، أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيراً، ثم يقول: "اغزوا بسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، ولا تغلوا ولا تغدروا، ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً"
2- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث، فقال: "إن وجدتم فلاناً وفلاناً فأحرقوهما بالنار"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج: "إني أمرتكم أن تحرقوا فلاناً وفلاناً، وإن النار لا يعذب بها إلا الله، فإن وجدتموهما فاقتلوهما".
3- وعن عمران بن الحصين رضي الله عنهما قال: "ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة إلا أمرنا بالصدقة، ونهانا عن المُثلة، حتى الكفار إذا قاتلناهم فإنا لا نمثل بهم بعد القتل، ولا نجدع آذانهم وأنوفهم، ونبقر بطونهم، إلا أن يكونوا فعلوا ذلك بنا، فنفعل بهم مثل ما فعلوا، والترك أفضل، كما قال تعالى: "وإن عاقبتم.." الآية.
4- أ خرج البخاري في صحيحه بسنده عن مكرمة: "أن علياً رضي الله عنه حرَّق قوماً – بالنار – فبلغ ابن عباس، فقال: لو كنتُ أنا لم أحرقهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تعذبوا بعذاب الله"، ولقتلتهم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من بدَّل دينه فاقتلوه"
قال الحافظ ابن حجر معلقاً على تبويب البخاري لهذا الحديث "باب لا يعذب بعذاب الله": (هكذا بت الحكم في هذه المسألة لوضوح دليلها عنده، ومحله إذا لم يتعين التحريق طريقاً إلى الغلبة على الكفار حال الحرب.
ثم بين مذاهب أهل العلم في التحـريق قائـلاً: واختلف السلف في التحـريـق، فكره ذلك عمر وابن عباس وغيرهما مطلقاً، سواء كان ذلك بسبب كفر أوفي حال مقاتلة، أوكان قصاصاً، وأجازه علي وخالد بن الوليد وغيرهما.. قال المهلب: ليس هذا النهي على التحريم بل على سبيل التواضع، ويدل على جواز التحريق فعل الصحابة، وقد سمَّل النبي صلى الله عليه وسلم أعين العرنيين بالحديد المحمى، وقد حرق أبوبكر البغاة بالنار بحضرة الصحابة، وحرَّق خالد بن الوليد بالنار ناساً من أهل الردة، وأكثر علماء المدينة يجيزون تحريق الحصون والمراكب على أهلها، قاله الثوري والأوزاعي، وقال ابن المنير وغيره: لا حجة فيما ذكر للجواز، لأن قصة العرنيين كانت قصاصاً، وقصة الحصون والمراكب مقيدة بالضرورة، إذا تعين طريقاً للظفر بالعدو، ومنهم من قيده بأن لا يكون معهم نساء وصبيان كما تقدم، وأما حديث الباب فظاهر النهي التحريم.
إلى أن قال: وقد اختلف في مذهب مالك في أصل المسألة، وفي التدخين، وفي القصاص بالنار).
إرسال تعليق